وقال ابن عباس: ألا تخافون أن يخسف الله بكم الأرض، أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر، وهؤلاء الأنصار نسوا قوله عليه السلام:
الأئمة من قريش، وقد رواه أنس. وقد روى عبادة بن الصامت ما يدل على ذلك وما كانوا يتركون اجتهادهم إلا لأمر بلغهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أبو هريرة يذكر أنهم كانوا رضوان الله عليهم تشغلهم أموالهم ومتاجرهم، وأنه هو كان يلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضر ما لا يحضرون، وقد ذكرنا هذا الحديث في باب الاجماع - في ديواننا هذا - في فصل ترجمته:
إبطال قول من قال إن الجمهور إذا أجمعوا على قول وخالفهم واحد فإنه لا يلتفت إلى قوله فأغنى ذكرنا إياه هنالك عن ترداده ههنا.
وإذا وجدنا الصاحب تخفى عليه السنة، أو تبلغه فيتأول فيها التأويلات كما فعلوا في تحريم الخمر، فإن البخاري روى أنهم اختلفوا فمن قائل: حرمت لأنها كانت تأكل العذرة، ومن قائل: لأنها لم تخمس. ومن قائل: إنه خشي فناء الظهر، وقال بعضهم: بل حينئذ حرمت البتة.
قال علي: وكل ذلك باطل إلا قول من قال: حرمت البتة، وقد جاء النص بتحريمها لعينها، ولأنها رجس، روى ذلك أنس. فلما صح كل ما ذكرنا وبطل التقليد جملة، وجب أن يؤخذ برأي صاحب، وإن تعرى من مخالفة الخبر - فكيف إذا استضاف إلى مخالفة الخبر. وقد كتبنا في باب إبطال التقليد من هذا الكتاب ما أفتوا به رضوان الله عليهم، فأخبر عليه السلام: أنه ليس كذلك.
قال علي: وكل ما تعلق به أهل اللواذ عن الحقائق - عند غلبة الحيرة عليهم من مثل هذا وشبهه - فهم أترك خلق الله تعالى له، وإنما تعلق بهذا أصحاب أبي حنيفة في خلافهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم: بغسل الاناء من ولوغ الكلب سبعا فقالوا: قد روي أن أبا هريرة أفتى من رأيه بأن يغسل منه ثلاثا، ثم تركوا قول أبي هريرة، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فخالفوا روايته التي لا يحل خلافها، ورأيه الذي احتجوا به، وأحدثوا دينا حديثا، فقالوا: لا يغسل إلا مرة واحدة، ونقدها هنا المالكيون أصولهم ووفقوا في ذلك فقالوا: يغسل سبعا فأخذوا برواية أبي هريرة وتركوا رأيه، وتعلقوا كلهم بذلك أيضا في حديث ابن عباس