فينا بالعدل. فذكره الحر بن قيس بن حصن بن حذيفة بقول الله تعالى: وأعرض عن الجاهلين وقال له: يا أمير المؤمنين هذا من الجاهلين فأمسك عمر. وقال يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يكون آخرنا، أو كلاما هذا معناه، حتى قرئت عليه: * (إنك ميت وإنهم ميتون) * فسقط السيف من يده وخر إلى الأرض. وقال: كأني والله لم أكن قرأتها قط.
فإذا أمكن هذا في القرآن، فهو في الحديث أمكن، وقد ينساه البتة، وقد لا ينساه بل يذكره، ولكن يتأول فيه تأويلا فيظن فيه خصوما أو نسخا أو معنى ما، وكل هذا لا يجوز اتباعه إلا بنص أو إجماع، لأنه رأي من رأى ذلك، ولا يحل تقليد أحد ولا قبول رأيه.
وقد علم كل أحد أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا حوالي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة مجتمعين، وكانوا ذوي معايش يطلبونها، وفي ضنك من القوت شديد - قد جاء ذلك منصوصا - وأن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر أخرجهم الجوع من بيوتهم، فكانوا من متحرف في الأسواق، ومن قائم على نخلة، ويحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل وقت منهم الطائفة إذا وجدوا أدنى فراغ مما هم بسبيله، هذما لا يستطيع أحد أن ينكره وقد ذكر ذلك أبو هريرة فقال: إن إخواني من المهاجر كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواني من الأنصار كان يشغلهم القيام على نخلهم، وكنت امرأ مسكينا أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، وقد أقر بذلك عمر فقال: فاتني مثل هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهاني الصفق في الأسواق، ذكر ذلك في حديث استئذان أبي موسى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن المسألة، ويحكم بالحكم، ويأمر بالشئ ويفعل الشئ، فيعيه من حضره ويغيب بمن غاب عنه.
فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم وولي أبو بكر رضي الله عنه، فمن حينئذ تفرق الصحابة للجهاد، إلى مسيلمة وإلى أهل الردة، وإلى الشام والعراق، وبقي بعضهم بالمدينة مع أبي بكر رضي الله عنه. فكان إذا جاءت القضية ليس عنده فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر، سأل من بحضرته من الصحابة عن ذلك فإن وجد