وفي موطأ ابن وهب كما في موطأ أبي المصعب ولا مزيد فبان كذب هذا القائل، والحمد لله رب العالمين.
قال علي: ولئن كان جميع حديث النبي صلى الله عليه وسلم مذموما فإن مالكا لمن أول من فعل ذلك، فإن أول من ألف في جمع الحديث فحماد بن سلمة، ومعمر، ثم مالك، ثم تلاهم الناس، وأما نحن فإننا نحمد ذلك من فعلهم.
ونقول: إن لهم ولمن فعل فعلهم في ذلك أعظم الاجر لعظيم ما قيدوا من السنن، وكثيرا ما بينوا من الحق، وما رفعوا من الاشكال في الدين، وما فرجوا بما كتبوا من حكم الاختلاف، فمن أعظم أجرا منهم، جعلنا الله بمنه ممن تبعهم في ذلك بإحسان آمين.
وأما رد عمر رضي الله عنه لحديث فاطمة بنت قيس فقد خالفته فاطمة وهي من المبايعات المهاجرات الصواحب، فهو تنازع من أولي الامر ليس قول أولى من قولها، ولا قولها أولى من قوله، إلا بنص والنص موافق لقول فاطمة، وعمر مجتهد مخطئ في رد ذلك، مأجور مرة ولا تعلق للمالكيين بهذا الخبر، لأنهم خالفوا رواية فاطمة وخالفوا قول عمر، فلم يتعلقوا بأحدهما.
وأما ما ذكروا من نهي عمر رضي الله عنه في الاكثار من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثنا محمد بن سعيد، ثنا أحمد بن عون الله، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا الخشن، ثنا بندار، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة عن بيان عن الشعبي عن قرظة - هو ابن كعب الأنصاري - قال شيعنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى صرار، فانتهى إلى مكان فتوضأ فيه. فقال: أتدرون لما شيعتكم؟ قلنا: لحق الصحبة.
قال: إنكم ستأتون قوم تهتز ألسنتهم بالقرآن كاهتزاز النخل فلا تصدروهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم، قال قرظة: فما حدثت بشئ بعد، ولقد سمعت كما سمع الصحابي. فهذا لم يذكر فيه الشعبي أنه سمعه من قرظة، وما نعلم أن الشعبي لقي قرظة ولا سمع منه، بل لا شك في ذلك، لان قرظة رضي الله عنه مات والمغيرة بن شعبة أمير الكوفة.