المؤدي إلى خلاف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى ترك عمله، وسقط العذر عمن خالف ما بلغه من السنن بلوغه إليه، وقيام الحجة به عليه، فلم يبق إلا العناد والجهل، والتقليل والاثم.
وعلى هذا الطريق كان الصحابة رضي الله عنهم، وكثير من التابعين يرحلون في طلب الحديث الواحد الأيام الكثيرة، وقد رحل أبو أيوب من المدينة إلى مصر، إلى عقبة بن عامر في حديث واحد. وكتب معاوية إلى المغيرة: اكتب إلي ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحل علقمة والأسود إلى عائشة وعمر رضي الله عنهما، ورحل علقمة إلى أبي الدرداء بالشام. فقد بينا وجه ترك من ترك بعض الحديث وأزحنا العلة في ذلك، ورفعنا الاشكال جملة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال أبو محمد: وقد موه بعضهم بأن قال:
إن ابن مسعود كان يسأل عن الشئ فيتركه حتى يأتي المدينة.
قال علي: وإنما كان هذا في مسألتين فقط وهي: مسألة نكاح الام التي لم يدخل بابنتها فخالفه عمر، وقد صح عن زيد بن ثابت - وهو مدني - مثل قول ابن مسعود. والثانية: بيعه نفاية بيت المال، ثم رجع عن ذلك.
قال علي: وكيف يكون هذا والصحيح أن ابن مسعود قال مخبرا عن نفسه:
ما من سورة من كتاب الله تعالى إلا وأنا أدري فيما نزلت، ولو أني أعلم مكان رجل أعلم مني بكتاب الله عز وجل تبلغني إليه الإبل لاتيته. فكيف يرجع إلى قول غيره من هذه صفته؟ ولقد صدق رضي الله عنه، وهو الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتمسك بعهده، وأن يؤخذ القرآن عنه وعن ثلاثة مذكورين معه، وقد صح أن عمر بن الخطاب أمر برجم مجنونة، فرده عن ذلك - على وهو كوفي - وكذلك وجد عند المغيرة خبر إملاص المرأة - وهو كوفي - لم يكن عند أهل المدينة.
قال علي: وقد موه بعضهم بأن ذكر ما حدثناه عبد الله بن ربيع، ثنا عمر بن عبد الملك، ثنا محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن المثنى، ثنا سهل بن يوسف، قال حميد: أنبأ عن الحسن قال: خطب ابن عباس في آخر رمضان على منبر البصرة فقال: أخرجوا صدقة صومكم، فكأن الناس لم يعلموا، فقال من ههنا من أهل