وطاعة أولي الامر، ومن هم أولو الامر، وبيان التنازع الواقع منا، وبيان ما يقع فيه التنازع بيننا، وبيان رد ما تنوزع فيه إلى الله تعالى ورسوله عليه السلام، وهذا هو جماع الديانة كلها. ووجدناه قد قال تعالى * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * فأيقنا أن الدين قد كمل وتناهى، وكل ما كمل فليس لأحد أن يزيد فيه ولا أن ينقص منه ولا أن يبدله.
فصح بهذه الآية يقينا أن الدين كله لا يؤخذ إلا عن الله عز وجل، ثم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي يبلغ إلينا أمر ربنا عز وجل ونهيه وإباحته، لا مبلغ إلينا شيئا عن الله تعالى أحد غيره. وهو عليه السلام لا يقول شيئا من عند نفسه لكن عن ربه تعالى، ثم على ألسنة أولي الامر منا، فهم الذين يبلغون إلينا جيلا بعد جيل ما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، وليس لهم أن يقولوا من عند أنفسهم شيئا أصلا، لكن عن النبي عليه السلام، هذه صفة الدين الحق الذي كل ما عداه فباطل، وليس من الدين، إذ ما لم يكن من عند الله تعالى، فليس من دين الله أصلا، وما لم يبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس من الدين أصلا، وما لم يبلغه إلينا أولو الامر منا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس من الدين أصلا.
فبينا بحول الله تعالى وقوته غلط من غلط في هذا الباب، بأن ترك ما هو من الدين مخطئا غير عامد للمعصية، أو عامدا لها، أو أدخل فيه ما ليس منه كذلك، فلا يخرج البتة الخطأ في أحكام الديانة عن هذين الوجهين: إما ترك، وإما زيادة، ولخصنا الحق تلخيصا لا يشكل على نصح نفسه. وقصد الله عز وجل بنيته وما توفيقنا إلا بالله عز وجل.
وجعلنا كتابنا هذا أبوابا لنقرب على من أراد النظر فيه، ويسهل عليه البحث عما أراد الوقوف عليه منه، رغبة منا في إيصال العلم إلى من طلبه، ورجاء ثواب الله عز وجل في ذلك، وبالله تعالى نتأيد.