اليقين. فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من هدى الله به رجلا واحدا فهو خير له من حمر النعم. وأخبر عليه السلام أن من سن سنة خير في الاسلام، كان له مثل أجر كل عمل بها، لا ينتقص ذلك من أجورهم شيئا. وغبط من تعلم الحكمة وعلمها.
فنظرنا بعون الله خالقنا تعالى لنا في هذه الطريق الفاضلة التي هي ثمرة بقائنا في هذه الدنيا فوجدناها على وجوه كثيرة: فمن أوكدها وأحسنها مغبة، بيان الدين واعتقاده والعمل به الذي ألزمنا إياه خالقنا عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وشرح الجمل التي تجمع أصناف أحكامه، والعبارات الواردة فيه، فإن بمعرفة العقدة من عقد تلك الجمل يلوح الحق في ألوف من المسائل غلط فيها ألوف من الناس. فإثم من قلدهم إثمين: إثم التقليد، وإثم الخطأ. ونقصت أجور من اتبعهم مجتهدا من كفلين إلى كفل واحد.
ومن وفقه الله تعالى لبيان ما يتضاعف فيه أجر المعتقد والعامل بما عضده البرهان فقد عرضه لخير كثير، وامتن عليه بتزايد الاجر، وهو في التراب رميم.
وذلك حظ لا يزهد فيه إلا محروم، فكتبنا كتابنا المرسوم بكتاب التقريب، وتكلمنا فيه على كيفية الاستدلال جملة، وأنواع البرهان الذي به يستبين الحق من الباطل في كل مطلوب، وخلصناها مما يظن أنه برهان وليس ببرهان، وبينا كل ذلك بيانا سهلا لا إشكال فيه، ورجونا بذلك الاجر من الله عز وجل، فكان ذلك الكتاب أصلا لمعرفة علامات الحق من الباطل، وكتبنا أيضا كتابنا المرسوم بالفصل، فبينا فيه صواب ما اختلف الناس فيه من الملل والنحل بالبراهين التي أثبتنا جملها في كتاب التقريب. ولم ندع بتوفيق الله عز وجل لنا للشك في شئ من ذلك مساغا، والحمد لله كثيرا.
ثم جمعنا كتابنا هذا وقصدنا فيه بيان الجمل في مراد الله عز وجل منا فيما كلفناه من العبادات، والحكم بين الناس بالبراهين التي أحكمناها في الكتاب المذكور آنفا. وجعلنا هذا الكتاب بتأييد خالقنا عز وجل لنا، موعبا للحكم فيما اختلف فيه الناس من أصول الاحكام في الديانة مستوفى، مستقصى، محذوف