تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٦٣
وربما يقال: إن مقتضي الأصل كون المفضول والفاضل متساويي الاقدام في جواز التقليد، بتقريب انه إذا فرضنا مجتهدين متساويين من جميع الجهات لا يفضل واحد منهما على الأخرى، حكم العقل بالتخيير بينهما، بعد الفراغ عن عدم جواز طرحهما أو الاخذ بأحوطهما، ويصير حكم العقل بالتخيير مصدرا لاستكشاف حكم شرعي على طبقه، ثم إذا صار أحدهما بعد ردح من الزمن اعلم من الآخر، فالأصل بقاء التخيير الشرعي المستكشف ويتم في غيره بعدم القول بالفصل.
وفيه: ان ما هو الموضوع لحكم العقل هو الموضوع للحكم الشرعي المستكشف فلا يعقل، بقائهما بعد ارتفاع الموضوع وانقلابه، وان حكم العقل بالتخيير كان بمناط قبح الترجيح بغير مرجح، وكان حكم الشرع المستكشف به أيضا بهذا المناط، فلا يعقل بقاء هذا ولا ذاك بعد حدوث الترجيح وصيرورة أحدهما اعلم.
فان قلت: يمكن أن يكون حكم الشرع بالتخيير، بملاك آخر قائم مقام الأول عند ارتفاعه فإذا احتملنا قيام مناط آخر مقامه، فقد احتملنا بقاء الحكم الشرعي والحكم الشرعي المستكشف وإن كان مقطوع الارتفاع، لارتفاع موضوعه والحكم الشرعي القائم بمناط آخر وإن كان مشكوك الحدوث الا انه لا بأس باستصحاب التخيير الجامع بينهما، على حذو ما قرروه في استصحاب الكلى.
قلت: ان المجعول هو الحكم الشرعي الشخصي، لا الجامع بينهما، فالحكم بالتخيير بالمناط الأول مجعول، كما أن الحكم به القائم بالمناط الآخر على فرض ثبوته في الواقع، مجعول مثله، واما الجامع بينهما فهو أمر انتزاعي لا يتعلق به الجعل ويمتنع وجوده في الخارج وقد أوضحناه غير مرة فالتخيير بهذا الجامع، لا حكم شرعي مجعول، ولا موضوع لحكم شرعي.
لا يقال: إن ذلك انما يتم فيما إذا كان الحكم الثاني المحتمل قائما بملاك مبائن لملاك الحكم الأول واما إذا كان الحكم الشرعي الواقعي في نفس الامر قائما بملاك أوسع مما أدركه العقل، فلا بأس لاستصحاب الحكم الشرعي المستكشف ابتداء لان المستكشف حكما وملاكا غير مبائن مع الحكم الواقعي النفس الامرى، فيعد
(١٦٣)
مفاتيح البحث: الأحكام الشرعية (9)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست