للإضرار بهم - آب عن التخصيص مطلقا، فهو كقوله تعالى: ﴿ما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ (1) ولسانه كلسانه، ويكون آبيا عن التخصيص، مع أن كثيرا من الأحكام الإلهية ضررية، كتشريع الزكاة، والخمس، والحج، والجهاد، والكفارات، والحدود، والاسترقاق، وغير ذلك، كسلب مالية الخمر والخنزير وآلات القمار وآلات الطرب وسائر الأعيان النجسة، وما يلزم منه الفساد على مذاق الشرع، بل لو لم يكن التخصيص أكثريا، ولا يكون (لا ضرر) في مقام الامتنان، لكان نفس خروج تلك المعظمات التي هي اصول الأحكام الإلهية ومهماتها من قوله: (لا ضرر ولا ضرار) مستهجنا، فمن أخبر بعدم الضرر في الأحكام، سواء كان إخباره في مقام الإنشاء أم لا، ثم يكون معظم أحكامه وأصولها ضرريا لم يخرج كلامه عن الاستهجان.
وما قيل: إن (لا ضرر) إنما هو ناظر إلى الأحكام التي نشأ من إطلاقها الضرر، دون ما يكون طبعه ضرريا، كالأمثلة المتقدمة (2) كما ترى، فإن قوله:
(لا ضرر) إذا كان معناه أنه تعالى لم يشرع حكما ضرريا على العباد، فلا معنى لإخراج الأمثلة إلا بنحو التخصيص، فإن ما يكون بتمام هويته ضرريا أولى بالدخول فيه مما هو بإطلاقه كذلك، كما أن ما يقال من أن الزكاة والخمس حق للفقراء وإخراج مال الفقراء وتأدية حقوقهم ليس بضرر عرفا (3) كلام شعري،