بمعنى الالتزام بالعمل على طبق إحدى الفتويين أو الفتاوى معينا مقدمة لتحصيل الحجة على امتثال الاحكام بمناط حكمه في الشبهة قبل الفحص بوجوب تحصيل الحجة على الجاهل المتمكن من تحصيلها، لا بمناط وجوب رجوع الجاهل إلى العالم وحجية فتواه (لان) حجية كل واحدة من الفتويين أو الفتاوى مشروطة بالأخذ بها بمعنى الالتزام بحجيتها والعمل على طبق مؤديها، والا فقبل الاخذ بإحدى الفتاوى لا تكون واحدة منها حجة في حقه (وعلى ذلك) نقول ان الاخذ والالتزام وان كان مقدمة للعمل، لا نفسه وينتزع من هذا الالتزام الكلى عنوان التقليد، الا ان وجوبه حينئذ لا يكون الا عقليا بمناط تحصيل الحجة على امتثال الاحكام لا شرعيا مولويا (بل لو ورد) دليل شرعي على وجوبه يكون ارشادا إلى حكم العقل (وانما) الوجوب الشرعي متعلق بما يختاره في ظرف اختياره، كما ذكرناه في الامر بالتخيير في الخبرين المتعارضين (فلا مجال) حينئذ للتشبث على وجوبه بمثل السيرة وسائر الأدلة الشرعية، ولا بالعقل الفطري الارتكازي بوجوب رجوع الجاهل إلى العالم (لما عرفت) من أن هذه الأدلة، نظير أدلة حجية خبر الواحد ناظرة إلى اثبات حجية فتوى المجتهد الراجع إلى ايجاب العمل على طبق فتوى المجتهد، لا إلى وجوب تحصيل الحجة على امتثال الاحكام (بل لا بد) حينئذ في اثبات وجوبه من التشبث بحكم العقل المستقل بوجوب تحصيل الحجة على المتمكن منها مقدمة لامتثال الاحكام.
(مع أنه) لا ثمرة مهمة تترتب على هذا النزاع، لا في مرحلة المصححية للعمل ولا في مقام المعذرية (فإنه) في فرض انحصار المجتهد يكفي في الصحة مجرد تطبيق العمل على فتوى المجتهد المنحصر حجية فتواه في حقه، بل يكفي فيها مجرد اتفاق مطابقة العمل لرأي من يجب اتباع رأيه تعيينا ولو لم يتحقق عنوان التقليد بالأخذ والالتزام أو تطبيق العمل على الفتوى معتمدا عليها (ولذلك) تريهم مصرحين في فتاويهم بان المقلد لو عمل عملا واتفق كونه مطابقا لفتوى المجتهد المنحصر حجية فتواه في حقه أجزئه (وهكذا الكلام) في فرض عدم انحصار المجتهد واتفاقهم في الفتاوى (فان تعدد) الفتاوى حينئذ كتعدد الخبر الدال على وجوب شئ في كون الجميع حجة على المقلد