المعرفة بالأحكام من أدلتها باعمال القوة النظرية في تطبيق القواعد الكلية بعد اتقانها على مواردها وإكثارهم التشنيع على المجتهدين في أصل الاجتهاد، مع كونهم موافقين لمعناه في استخراجهم الاحكام والوظائف الفعلية من أدلتها عصمنا الله من الزلات (وكيف كان) فالطاهر ان المراد من الاجتهاد المصطلح هو الاستفراغ الفعلي في تحصيل المعرفة بالأحكام (لان) الاجتهاد هو الاستنباط الفعلي من الأدلة، ولا يكفي فيه مجرد الملكة الموجبة للقدرة على الاستنباط، كما هو الظاهر المتبادر من المواد المأخوذة في كل هيئة في فعليتها، كالفتوى والقضاء والكتابة والتجارة (ولا ينافي) ذلك صدق المجتهد والقاضي والمفتي في حال عدم الاشتغال الفعلي بالاجتهاد والقضاوة والافتاء لنوم أو شغل ونحوهما (إذ من الممكن) دعوى كون ذلك من جهة اقتضاء الهيئة في المشتقات الوصفية نحو توسعة في التلبس بالمبدء الفعلي على وجه لا ينافيه التخللات العدمية (أو دعوى) كفاية بقاء المقتضى فيها في صحة اطلاق عنوان المجتهد والقاضي في حال عدم الاشتغال الفعلي بلا اخذها في المادة أصلا كي يلزم اختلاف المادة المحفوظة في ضمن الهيئات المصدرية وغيرها (فان) ذلك مما يأبى عنه ارتكاز الذهن (لا يقال) على ذلك يلزم عدم صدق المجتهد على من له ملكة الاستنباط ولم يستنبط بعد حكما من الاحكام (فإنه يقال) انه لا بعد في الالتزام به كما نلتزم في غيره من الكاتب والتاجر ونحوهما (وعلى فرض) صدق عنوان المجتهد عليه، نقول انه من باب العناية والتنزيل (فلا شهادة) حينئذ في صحة اطلاق المجتهد على مثله على إرادة الملكة من المبدء (مع أنه) لم يرد عنوان المجتهد في آية ولا رواية في موضوع حكم من الاحكام (وانما) الموضوع للآثار عنوان الفقيه والناظر في حلالهم وحرامهم والعارف بأحكامهم كما في المقبولة وغيرها (ولا ريب) في عدم صدق هذه العناوين على من له مجرد الملكة على الاستنباط ولم يستنبط حكما من الاحكام.
(٢١٧)