جهة) ان استخراج الاحكام والوظائف الفعلية من أدلتها لا يكون الا عن قوة راسخة في تنقيح القواعد النظرية واعمالها في مواردها، عرف بالملكة تارة، وبالقوة القدسية أخرى باعتبار كونها من المواهب الآلهية والنور الذي يقذفه الله في قلب من يشاء (ومن جهة) ملازمة اعمال القواعد في مقام الاستنباط لاتعاب النفس وتحمل المشقة، عرف باستفراغ الوسع في تحصيل المعرفة بالحكم الشرعي، كما أن اشتماله على المشقة هو الموجب لصحة اطلاق معناه اللغوي عليه لكونه حقيقة من افراده ومصاديقه، فكان اطلاقه عليه من باب اطلاق الكلى على فرده، لا من باب العناية والمجاز (نعم) لاوجه لما عن العلامة قده والحاجبي من شرحه باستفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي (إذا لا عبرة) بصرف الظن بالحكم ما لم ينته إلى الحجية الفعلية (ومعه) تكون العبرة بها (فكان) الحري هو تبديل الظن بالحكم الشرعي بالحجة عليه عقلية كانت أو شرعية، ليدخل فيه اعمال مسائل الانسداد حتى على الحكومة (وأخرى) من ذلك تبديل الحكم الشرعي أيضا بمطلق الوظيفة الفعلية من الواقعية والظاهرية الشرعية أو العقلية، ليدخل فيه الاجتهاد المؤدي إلى البراءة وغيرها من الوظائف العقلية كالاحتياط والتخيير (وبما ذكرنا) ظهر ان الاجتهاد بمعنى استفراغ الوسع في تحصيل الحجة جهة مشتركة بين العامة والخاصة الأصوليين منهم والأخباريين (غاية الامر) انه تختلف انظارهم في حجية بعض القواعد، كاختلاف العامة والخاصة في حجية القياس والاستحسان، واختلاف الاخباري والأصولي في حجية ظواهر الكتاب والقطع الحاصل من غير الأدلة السمعية، وتمامية البراءة العقلية في الشبهات الحكمية البدوية التحريمية، فتكون منازعة كل طائفة في حجية ما يقول به الطائفة الأخرى لا في اجتهاده (ومن الواضح) ان مثل هذا الخلاف غير ضائر بالاتفاق على صحة الاجتهاد بالمعنى المزبور (إذ هذا النزاع) كما هو موجود بين العامة والخاصة الأصوليين منهم والأخباريين (كذلك) موجود بين أخباري وأخباري وبين أصولي، وأصولي نظير النزاع بين القائل بالظن المطلق من المجتهدين والقائل بالظنون الخاصة منهم (فلا وجه) حينئذ لتأبي الأخباريين واستيحاشهم من اطلاق الاجتهاد على تحصيل
(٢١٦)