كل منهما في ظرف استتار الواقع مثبت لحكم تعبدي على خلاف الآخر (ولكن) قد عرفت منع الحكومة على هذا المسلك (واما على التحقيق) كما هو المختار من توجيه التنزيل فيها إلى تتميم الكشف واثبات كونها علما تنزيليا الذي هو المايز بين الامارة والأصل (فلا محيص) من سوقها لبيان كمية مدلول أدلة الأصول بتوسعة أو تضيق (وبهذه) الجهة قلنا ان الامارة، كما تضيق دائرة الاستصحاب السابق برفع شكه، كذلك توسع دائرة الاستصحاب اللاحق باثبات اليقين السابق، فيصح بذلك الاستصحاب في الموارد التي كان ثبوت المستصحب بالامارة لا باليقين الوجداني، كما هو ظاهر.
(ثم انه) بما ذكرنا من الشارحية للحاكم تفترق الحكومة عن التخصيص وسائر موارد الجمع العرفي من جهات (منها) هذه الجهة، فان في باب التخصيص لا يكون دليل المخصص ناظرا إلى شرح مدلول العام وبيان كمية مفاده غاية الامر لا يتحير العرف في تقديمه عليه من جهة اقوائية دلالته (ومن المعلوم) ان مجرد ذلك غير ملازم لكونه بلسانه شارحا للمراد من العام واقعا (ولذلك) ترى صحة التعبد بالخاص الأظهر لكونه مفيدا للفائدة التامة المستقلة ولو مع عدم تشريع حكم العام إلى يوم القيامة.
(ومنها) تقديم الحاكم على دليل المحكوم بعد ثبوت نظره إليه، وان كان أضعف دلالة على مؤداه من المحكوم من غير ملاحظة النسبة بين دليل الحاكم والمحكوم ولا ملاحظة قوة الظهور وضعفه، بل يقدم الحاكم بعد ثبوت نظره ولو مع كون النسبة بينه وبين دليل المحكوم العموم من وجه (بخلاف) باب التخصص وسائر موارد الجمع (فان) تقديم الخاص والأظهر على العام والظاهر على ما هو التحقيق انما يكون بمناط الاخذ بأقوى الدلالتين وطرح الأخرى (ولذلك) قد يتوقف في تقديم الخاص على العام، كما في فرض تساويهما في الدلالة، فيعامل معهما في الجهة المشتركة بينهما معاملة سائر المتعارضين (بل قد يقدم) العام على الخاص في المقدار الذي كان العام نصا فيه أو أقوى ظهورا من الخاص (وبذلك) ربما يظهر جهة أخرى فارقة بين التخصيص