ملاحظة النسبة بين القرعة، وبين تلك الأصول (إذ لا يلزم) من العمل بتلك الأصول في موارد جريانها تخصيصا لدليل القرعة كما هو ظاهر (نعم) حيث إن مصب الاستصحاب في القرعة وموارد جريانها يعم الشبهات الموضوعية المقرونة بالعلم الاجمالي بين الشخصين في الحقوق والماليات، يحتاج إلى ملاحظة النسبة بين القرعة، وبين الاستصحاب وغيره من الأصول كما سنذكره.
(وكيف كان) فبعد ما عرفت من اختصاص مورد جريان القرعة بموارد العلم الاجمالي في الشبهات الموضوعية نقول: ان الموضوع المشتبه في موارد العلم الاجمالي بين المتبائنين (اما) ان يكون متعلقا لحق الله سبحانه (واما) ان يكون متعلقا لحق الناس (فان كان) مما يتعلق به حق الله سبحانه، فلا مجال لجريان القرعة فيه وذلك لا من جهة قصور القرعة في نفسها عن الجريان فيه (بل من جهة) وجود المانع وهو العلم الاجمالي بالتكليف الملزم واقتضائه بحكم العقل الجزمي بلزوم الفراغ (فان) الوظيفة حينئذ هو الاحتياط في جميع المحتملات مع الامكان (الا إذا كان) هناك ما يوجب انحلال العلم الاجمالي، أو بدلية بعض الأطراف على التعيين عن المعلوم بالاجمال، فلا يجب معه مراعاة الاحتياط في بقية المحتملات (ومن المعلوم) ان القرعة في نفسها غير صالحة للانحلال، ولا لاثبات البدلية عن المعلوم بالاجمال (اما الأول) فمن جهة تأخرها عن العلم الاجمالي (إذ لا تزيد) القرعة عن العلم التفصيلي المتأخر بثبوت التكليف في بعض الأظراف على التعيين (فكما) ان العلم التفصيلي المتأخر لا يوجب الانحلال (كذلك القرعة) في المقام (ولقد) أشبعنا الكلام في ذلك في الجزء الثالث من الكتاب في مبحث انحلال العلم الاجمالي فراجع (واما الثاني) وهو عدم كونها مثبتة لجعل البدل ولو على القول باماريتها (فلان) غاية ما يقتضيه دليلها هو التعبد بكون مؤديها هو الواقع، واما اثبات عدم كون المعلوم بالاجمال في المحتمل الآخر، فلا الا على فرض اقتضاء دليلها لتتميم كشفها بجميع ما لها من المدلول مطابقة والتزاما، وهو ممنوع جذا (ولكن) الانصاف انه يكتفى في جعل البدل مجرد قيام امارة أو أصل على تعيين المعلوم بالاجمال