بين القريبة والبعيدة المستتبع للشك في ثبوت التكليف المنجز بالاجتناب عنه (فان) الواجب حينئذ هو مراعاة العلم الاجمالي بالاحتياط (لوجهين) أحدهما وهو العمدة ما عرفت من رجوع الشك المزبور إلى الشك في القدرة المحكوم عقلا بوجوب الاحتياط (فإنه) بعد تمامية مقتضيات التكليف من طرف المولى وعدم دخل قدرة المكلف بكلا قسميها من العقلية والعادية في ملاكات الاحكام، يستقل العقل بلزوم رعاية الملاك بالاحتياط وعدم الاعتناء باحتمال الموانع الراجعة إلى قصور العبد عن الامتثال إلى أن يتبين العجز، ولا مجال في مثله لجريان قبح العقاب بلا بيان، لما عرفت من أن مصب تلك القاعدة انما هو صورة احتمال القصور من ناحية تمامية اقتضاء التكليف من طرف المولى (وقد يتوهم) اقتضاء المناط المزبور لوجوب الاجتناب عن الطرف المبتلى به حتى في فرض الجزم بخروج بعض الأطراف عن الابتلاء نظرا إلى تخيل صدق الشك في القدرة فيه أيضا (ولكنه) تخيل فاسد ناش عن قلة التأمل، ضرورة وضوح الفرق بين الفرضين (فان) موضوع حكم العقل بالاحتياط انما هو الشك في القدرة في مورد الملاك والمصلحة، وهذا المعنى متحقق في فرض الشك في خروج بعض الأطراف عن الابتلاء، حيث إن الطرف المشكوك على فرض كونه ظرفا لوجود الملاك والمصلحة يشك فيه في القدرة (بخلاف) الفرض السابق فإنه لا شك فيه في القدرة على مورد المصلحة، فإنه على تقدير وجود المصلحة في الخارج عن الابتلاء يقطع فيه بعدم القدرة، وعلى تقدير وجودها في غيره يقطع فيه بالقدرة فليس للمكلف شك في القدرة على كل تقدير، وانما الشك في أن مورد الملاك والمصلحة اي الامرين منهما، ومرجع ذلك إلى الشك في وجود الملاك في المقدور لا في القدرة وبين الامرين فرق واضح (الوجه الثاني) هو ما افاده الشيخ قدس سره من التمسك باطلاق أدلة المحرمات، بتقريب ان من البين شمول اطلاق ما دل على حرمة شرب الخمر أو النجس لكلتا صورتي الابتلاء به وعدمه، والمقيد لذلك انما هو حكم العقل باعتبار التمكن العادي من موضوع التكليف وعدم خروجه عن الابتلاء في حسن التكليف والخطاب واستهجانه بدونه وبعد اجمال مفهوم القيد وتردده بين الأقل والأكثر لابد من الاقتصار في تقييد اطلاقه على المتيقن خروجه عن الابتلاء والرجوع في الزائد إلى أصالة
(٣٤٢)