قدس سره وعليه فلا فرق في الاستهجان بين كون الخطاب أمرا أو نهيا " فإنه " كما أن العرف لا يحسنون توجيه الخطاب التحريمي إلى من يرونه أجنبيا عن العمل وغير قادر عليه بحسب العادة، كذلك لا يحسنون توجيه الخطاب الايجابي أيضا في الفرض المزبور، ولذا ترى استهجان الخطاب الايجابي على وجه التنجيز إلى سوقي فقير بتزويج بنات الملوك غير معلق بفرض الابتلاء والتمكن العادي منه، بعين استهجان التكليف بالاجتناب عن تزويجهن، وهكذا الخطاب بوجوب اكله من الطعام الموضوع قدام الملك أو لبسه الثياب التي لبسها الملك ونحو ذلك من الأمور التي يعد المكلف بحسب حاله أجنبيا عنها وغير قادر عليها عادة، ومجرد كون الغرض من النهى هو الترك الحاصل قهرا، ومن الامر الايجاد غير مجد في رفع استهجان الخطاب إلى من يرونه العرف غير قادر على العمل بحسب العادة " فان " محذور لغوية الخطاب لكونه تكليفا بأمر حاصل بالفعل غير محذور استهجانه من جهة كونه تكليفا بما هو غير مقدر عادى للمكلف، وليس يجدي ارتفاع أحد المحذورين في ارتفاع المحذور الاخر كما هو ظاهر " فالتفصيل " حينئذ كما عن بعض في اعتبار القدرة العادية بين الخطاب التحريمي والخطاب الوجوبي باعتبارها في الأول في صحة الخطاب وحسنه دون الثاني لكفاية مجرد القدرة العقلية فيه في صحة الخطاب وحسنه " منظور فيه " يظهر وجهه مما قدمناه " نعم " يتجه الفرق المزبور بين الأمر والنهي لو كان مناط الاستهجان هو لغوية الخطاب من حيث كونه تكليفا بأمر حاصل، لا كونه تكليفا بما هو غير مقدر عادى للمكلف " لان " المطلوب في النواهي بعد أن كان هو مجرد الترك واستمراره وعدم نقضه بالوجود فلا جرم بعدم القدرة العادية على الايجاد يتحقق الترك الذي هو المطلوب وبحصوله يصير النهي عنه لغوا مستهجنا لكونه من التكليف بترك ما يكون منتركا عادة فلا يبقى معه مجال لأعمال المولوية " بخلاف " الأوامر فان المطلوب فيها انما يكون هو الفعل لاشتماله على مصلحة لازمة الاستيفاء في عالم التشريع، وحيث إن السبب لايجاده لا يكون الا دعوة امره وكان المفروض هو تمكن المكلف من الايجاد عقلا كان لأعمال المولوية فيه مجال واسع، فله الامر بايجاده ولو بتحصيل الأسباب البعيدة الخارجة عن القدرة العادية للمكلف " ولكن ذلك كما ترى " إذ مضافا إلى
(٣٣٩)