بعض المحققين في المقام فيما أفاد من التعبير عن الواجب التخييري بأنه طلب الفعل مع المنع عن بعض أنحاء تروكه (فإذا كانت) جهة التعيينية منتزعة عن سعة الطلب وشموله للوجود على الاطلاق وفي قبالها التخييرية الراجعة إلى قصور الطلب وعدم شموله لجميع حدود وجود الشئ (فلا جرم) يكون مرجعها إلى صفة وجودية للخطاب (وفى مثله) لو شك في التعيينية والتخييرية يكون مرجع الشك إلى جهة زائدة عما يقتضيه الخطاب التخييري فتجري فيها البراءة ثم إن ذلك) كله أيضا بالنسبة إلى البراءة الشرعية، واما البراءة العقلية فلا يحتاج في جريانها إلى اثبات ان التعينية صفة وجودية بل يكفي في جريانها مجرد كون المشكوك بخصوصه موجبا للعقوبة (وبما ذكرنا) ظهر النظر فيما افاده من الرجوع إلى أصالة عدم وجوب العدل فإنه انما ينتج ذلك لو كان العدل وعدمه مما به قوام حقيقة التعينية والتخييرية والا فبناء على ما ذكرنا من كونه من لوازم نقص الطلب وقصوره عن الشمول لجميع حدود وجود الشئ فلا ينتج مثل هذا الأصل الجاري في اللوازم لاثبات تعينية الطلب كما هو ظاهر (وحينئذ) فالعمدة في المنع عن جريان البراءة في المقام هو ما ذكرناه من العلم الاجمالي (واما الصورة الثالثة) وهو صورة العلم بوجوب الشيئين مع الشك في أنهما واجبان تعينيان أو تخييريان فلا يجري فيها العلم الاجمالي المزبور لاحتمال التعينية في كل منهما (وبعد) العلم التفصيلي بحرمة ترك كل منهما في حال ترك الاخر يرجع الشك المزبور إلى الشك في حرمة ترك كل واحد في حال وجود غيره فيجري البراءة فيهما لاندراجه في الأقل والأكثر الارتباطيين (ولا مجال) لاجراء قاعدة الشك في المسقط، لان ذلك انما يكون في فرض ثبوت أصل الاشتغال بالتكليف وفي المقام كان الشك في أصل التكليف بالترك الخاص في كل منهما ومثله كما عرفت يكون مجرى للبرائة (كما أنه) لا مجال للتمسك باستصحاب وجوب كل منهما بعد الاتيان بالآخر، لان الوجوب المردد بين الأقل والأكثر مما لا ينتج شيئا والوجوب الاخر من الأول كان مشكوكا (واما الصورة الرابعة) وهي ما لو علم بتعلق التكليف بشئ مع العلم بان الاخر مسقط للتكليف به، ولكن يشك في أن ذلك من جهة كونه عدلا له وانه أحد فردي الواجب المخير أو انه من جهة كونه مفوتا لملاكه أو غير ذلك (فالحكم فيها) أيضا هي البراءة عن وجوب ما علم
(٢٩٠)