مقامه نظرا إلى ما عرفت من انحفاظ جهة الشك بالواقع في موضوعه كغيره من الأصول غير أن الفرق بينه وبينها هو تكفل دليله لاثبات اليقين بالواقع في ظرف الشك به بخلاف سائر الأصول حيث لم يكن لأدلتها هذا النظر وبهذه الجهة يكون الاستصحاب جامعا للجهتين، فمن حيث نظره إلى اثبات اليقين بالواقع يكون مقدما على سائر الأصول، ومن حيث كون موضوعه الشك بالواقع والجهل به كان مؤخرا عن الامارات الناظر دليلها إلى الغاء احتمال الخلاف وتتميم الكشف محضا وعلى ذلك فلابد في قيامه مقام القطع الموضوعي تماما أو جزء من لحاظ ان الأثر في الدليل مترتب على مجرد العلم بالواقع وانكشافه أو على عدم الشك فيه محضا فيقوم مقامه على الأول دون الثاني ولعله إلى مثل هذه الجهة أيضا نظر المشهور فيما حكى عنهم من عدم جواز الحلف والشهادة تعويلا على الاستصحاب وان كان فيه ما فيه أيضا (تذييل) كلما ذكرنا من الشقوق والصور في القطع يجرى في الظن أيضا من حيث تعلقه تارة بالموضوع وأخرى بالحكم وكونه طريقا محضا تارة وموضوعا أخرى تماما أو جزء وقيدا على نحو الصفتية تارة والطريقية والكاشفية أخرى وفيه أيضا يجرى الاشكال المتقدم سابقا في أصل امكان اخذه تمام الموضوع على نحو الطريقية والكاشفية مع دفعه بما بيناه في القطع (ويزيد الظن في المقام) في أن اخذه تمام الموضوع أو جزئه وقيده تارة بما انه حجة شرعية وطريق محرز لمتعلقه وأخرى بما انه ذات الظن واجمال الكلام في هذه الأقسام هو ان الظن إذا كان حجة شرعية فلا اشكال في عدم جواز اخذه موضوعا بالنسبة إلى نفس حكم متعلقه بعين ما ذكرناه في القطع من محذور تقدم الشئ على نفسه الا بنحو نتيجة التقييد على ما فصلناه سابقا من دون فرق بين الظن بنفس الحكم الشرعي والظن بموضوعه (واما بالنسبة) إلى حكم آخر غير حكم متعلقه فيجوز اخذه فيه على نحو الصفتية أو الطريقية ما لم يكن مضادا لحكم متعلقه أو مماثلا له كما لو رتب وجوب الحد على شرب مظنون الخمرية أو مظنون الحرمة من دون فرق فيه بين كونه تمام الموضوع وكونه جزئه على اشكال متوهم في الأول تقدم بيانه مع دفعه في القطع (واما) لو كان مضادا لحكم متعلقه أو مماثلا له فلا يجوز اخذه في الموضوع تماما أو جزء صفة أو طريقا (لا) مرجع حجيته إلى اثبات الواقع في المرتبة المتأخرة
(٢٧)