الواقع ولو بالعناية فلا مجال لحكومتها على الاحكام الواقعية لا بالحكومة الواقعية كما هو ظاهر، ولا بالحكومة الظاهرية، لان غاية ما يقتضيه الجعل المزبور انما هو التوسعة في طريق الحكم لا في نفسه ولو عناية وتنزيلا، ومعه كيف تكون الامارات حاكمة على الاحكام الواقعية بالحكومة الظاهرية بل وان تأملت ترى عدم حكومتها على أدلة الأصول أيضا نظرا إلى أنه بنفس جعل الاحراز والكشف التام يتحقق مصداق المعرفة وجدانا وبذلك تكون الامارات واردة على أدلة الأصول لا حاكمة عليها " المقام الثاني " في قيام الامارات والأصول المحرزة مقام القطع الموضوعي " فنقول " قد عرفت ان اخذ القطع في الموضوع، تارة يكون على نحو الصفتية وأخرى على نحو الطريقية، وعلى التقديرين، تارة يكون تمام الموضوع، وأخرى جزئه وقيده (فإن كان) مأخوذا بنحو الصفتية فلا اشكال في أنه لا تقوم مقامه الامارات فضلا عن الأصول " لان " أدلة الامارات ولو على تتميم الكشف انما تكون ناظرة إلى كونها كالعلم في ترتيب اثاره من حيث طريقيته وكاشفيته لا من حيث نوريته وصفتيته، حيث إن هذه الجهة تحتاج إلى قيام دليل عليها بالخصوص يقتضي تنزيل الظن منزلته من حيث كون نورا وصفة خاصة قبال سائر الصفات النفسانية " والا " فنفس أدلة حجيتها غير وافية باثبات التنزيل من هذه الجهة، ولكن الذي يسهل الخطب انه لم يوجد في الفقه مورد يكون القطع فيه مأخوذا على نحو الصفتية والأمثلة التي يتوهم كونها في بادي النظر من هذا القبيل كلها بالتأمل في النصوص راجعة إلى دخله من حيث الطريقية والكاشفية، كباب أداء الشهادة، والحلف عن بت، والركعتين الأوليين المعتبر فيهما الاحراز ونحو ذلك فتدبر فيها تجد صدق ما ادعيناه (واما ان كان القطع) مأخوذا على نحو الطريقية فتقوم مقامه الامارات على المختار فيها من تتميم الكشف، واما على القول بتنزيل المؤدى فيها، ففي قيامها مقام القطع الموضوعي اشكال إذ بعد عدم تكفل دليلها لتتميم كشفها واثبات كونها علما بالواقع ولو عناية وادعاء لا يبقى مجال لقيامها مقامه (وبهذه الجهة) أيضا منعنا حكومتها على أدلة الأصول بلحاظ عدم اقتضاء مجرد تنزيل المؤدى والتعبد بكونه هو الواقع لاثبات العلم بالواقع لا وجدانا
(٢٣)