التبين وشرطيته في العمل بقول الفاسق، ومفاد المفهوم فيها هو انتفاء وجوب التبين في العمل بقول العادل * ولا ريب * في ظهور الآية في نفسها خصوصا بملاحظة التعليل الواقع في الذيل في الوجوب الشرطي لا الوجوب النفسي لأنه مع بعده في نفسه لا يكاد يناسب مع التعليل * ولكن فيه * ان التبين في الآية المباركة، اما ان يكون بمعنى تحصيل العلم الوجداني، واما ان يكون بالمعنى الأعم الشامل للوثوق والاطمينان * وعلى الأول * لا معنى لشرطية التبين للعمل بخبر الفاسق * إذ مع حصول العلم يكون العمل لا محالة بالعلم، لا بالخبر * فمفاد * المنطوق على هذا هو الغاء خبر الفاسق بالمرة ولزوم تحصيل العلم بالواقع عند إرادة العمل * وحيث * كان الوجوب فيه عقليا كان الامر بالتبين ارشاديا محضا لا نفسيا ولا شرطيا وعلى ذلك تحتاج إلى مقدمة الأسوئية * ببيان * ان عدم وجوب التبين عن خبر العادل اما ان يكون من جهة القطع بكذبه فيكون أسوء حالا، واما ان يكون لحجيته وهو المطلوب * واما على الثاني * فما أفيد من استفادة الوجوب الشرطي للتبين من الآية في العمل بخبر الفاسق وان كان وجيها * ولكن * هذا المقدار لا يجدى في نفي الاحتياج إلى مقدمة الأسوئية الا في فرض ان تكون الآية ناظرة إلى مجرد اثبات الشرطية، فارغا عن أصل وجوب العمل بالخبر * واما * في فرض كونها ناظرة إلى وجوبه مقدمة للعمل بخبر الفاسق فلا تقتضي عدم الحاجة إلى المقدمة المزبورة * فان * مرجع الوجوب المزبور بعد كونه إلى الوجوب الغيري للعمل، فنفيه في طرف المفهوم كما يناسب مع نفي شرطية التبين * كذلك * يناسب مع نفي أصل وجوب العمل أو جوازه، فلا يتعين الأول الا بضم مقدمة الأسوئية وبالجملة نقول انه بعد ابطال الوجوب النفسي للتبين لا ينحصر الامر في الوجوب الشرطي * بل * كما يحتمل كونه وجوبا شرطيا * كذلك * يحتمل كونه وجوبا غيريا مقدميا للعمل بخبر الفاسق الموثق * ومع * دوران الامر بينهما يتعين الثاني * فإنه * على الأول لابد من رفع اليد عن ظهور الامر في المولوية وحمله على الارشاد إلى شرطية التبين التي هي الوضع * بخلاف الثاني * فإنه عليه يبقى ظهور الامر في المولوية، بحاله * وعليه * لا محيص عن مقدمة الأسوئية * هذا * مع امكان دعوى ان مجرد عدم وجوب التبين في خبر العادل لا يقتضى نفي الشرطية المزبورة
(١٠٨)