يرفع [الدليل] الثاني شيئا غير ذلك.
واما الركعتان فان حكمهما باق من كونهما واجبتين، وغاية ما في الباب أن وجوبهما كان منفردا، فصار منضما إلى الثالثة، والشئ لا ينسخ بانضياف غيره إليه، كما [لا] ينسخ وجوب فريضة واحدة إذا وجب بعدها أخرى.
وأما كونهما لو انفردتا [لما] أجزأتا بعد أن كانتا مجزئتين، فان الاجزاء يعلم لامن منطوق الدليل، بل علم بالعقل، فلم يكن نسخا، ولو علم الاجزاء من نفس الدليل الشرعي، لكان المنسوخ اجزاؤهما منفردتين، لا وجوبهما.
المسألة الرابعة: النقيصة من العبادة لا تكون نسخا لها، سواءا كان الناقص جزءا منها أو شرطا لها، لكن ان دل الدليل الشرعي على وجوب ذلك الجزء أو ذلك الشرط، ثم دل الاخر على ارتفاعه، كان ذلك نسخا للجزء (والشرط) (1) خاصة، دون نفس العبادة.
مثال ذلك: إذا أوجب صلاة ثلاثية مثلا، ثم أسقط منها ركعة، كان ذلك نسخا لتلك الركعة حسب، ولم يكن نسخا للصلاة كلها، أو أوجب فريضة و شرط لها شرطا ثم أسقط ذلك الشرط، كان نسخا له حسب، ولم يكن نسخا للفريضة.
لنا: ان الدليل المقتضي لثبوت الحكم السابق ثابت، والدليل الثاني ليس رافعا لمثل حكمه، فلا يكون نسخا.
فان قالوا: العبادة الأولى كانت غير مجزية بتقدير أن لا يفعل الشرط، وقد صارت الان مجزية، فقد انتسخ الاجزاء.
قلنا: لا نسلم أن ذلك نسخ، لأنا قد بينا أن الاجزاء إذا لم يتضمنه الدليل الشرعي يكون معلوما بالعقل، فلا يكون زواله نسخا، ولو سلمنا أن ذلك نسخ،