كقوله تعالى وفجرنا الأرض عيونا كأن كلها عيون متفجرة وهو المراد بقوله تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام وهو الغمام الذي ذكر في قوله تعالى هل ينظرون الا أن يأتيهم الله أي امره وبأسه في ظلل من الغمام والملائكة وقيل الأبواب الطرق والمسالك أي تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقا لا يسدها شيء وسيرت الجبال اي في الجو على هيآتها بعد قلعها من مقارها كما يعرب عنه قوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب أي تراها رأى العين ساكنة في أماكنها والحال أنها تمر مر السحاب الذي يسيره الرياح سيرا حثيثا وذلك أن الأجرام العظام إذا تحركت نحوا من الأنحاء لا تكاد يتبين حركتها وان كانت في غاية السرعة لا سيما من بعيد وعليه قول من قال:
بارعن مثل الطود تحسب أنهم * وقوف لحاج والركاب تهملج وقد أدمج في هذا التشبيه تشبيه حال الجبال بحال السحاب في تخلخل الأجزاء وانتفاشها كما ينطق به قوله تعالى وتكون الجبال كالعهن المنفوش يبدل الله تعالى الأرض ويغير هيأتها ويسير الجبال على تلك الهيئة الهائلة عند حشر الخلائق بعد النفخة الثانية ليشاهدوها ثم يفرقها في الهواء وذلك قوله تعالى فكانت سرابا اي فصارت بعد تسييرها مثل السراب كقوله تعالى وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا اي غبارا منتشرا وهي وان اندكت وانصدعت عند النفخة الأولى لكن تسييرها وتسوية الأرض انما يكونان بعد النفخة الثانية كما نطق به قوله تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينفسها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي وقوله تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا الله الواحد القهار فان اتباع الداعي الذي هو إسرافيل عليه السلام وبروز الخلق لله تعالى لا يكون الا بعد النفخة الثانية ان جهنم كانت مرصادا شروع في تفصيل أحكام الفصل الذي أضيف اليه اليوم اثر بيان هو له ووجه تقديم بيان حال الكفار غنى عن البيان والمرصاد اسم للمكان الذي يرصد فيه كالمضمار الذي هو اسم للمكان الذي يضمر فيه الخيل والمنهاج اسم للمكان الذي ينهج فيه اي انها كانت في حكم الله تعالى وقضائه موضع رصد يرصد فيه خزنة النار الكفار ليعذبوهم فيها للطاغين متعلق بمضمر هو اما نعت لمرصادا اي كائنا للطاغين وقوله تعالى مآبا بدل منه أي مرجعا يرجعون اليه لا محالة واما حال من مآبا قدمت عليه لكونه نكرة ولو تأخرت لكانت صفة له وقد جوز أن يتعلق بنفس مآبا على أنها مرصاد للفريقين مآب للكافرين خاصة ولا يخفى بعده فان المتبادر من كونها مرصادا لطائفة كونهم معذبين بها وقد قيل انها مرصاد لأهل الجنة يرصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها لأن مجازهم عليها وهي مآب للطاغين