«فطهر» مما ليس فإنه واجب الصلاة الأولى وأولى وأحب في غيرها وذلك بصيانتها وحفظها عن النجاسات وغسلها بعد تلطخها وبتقصيرها أيضا فإن طولها يؤدي إلى جر الذيول على القاذورات وهو أول ما أمر به عليه الصلاة والسلام من رفض العادات المذمومة وقيل هو أمر بتطهير النفس مما يستقذر من الأفعال ويستهجن من الأحوال يقال فلان طاهر الذيل والأردان إذا وصفوه بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق «والرجز فاهجر» أي وأهجر العذاب بالثبات على هجر يؤدى إليه من المآثم وقرئ بكسر الراء وهما لغتان كالذكر والذكر «ولا تمنن تستكثر» ولا تعط مستكثرا أي رائيا لما تعطيه كثيرا أو طالبا للكثير على أنه أنهى عن الاستغزار وهو أن يهب شيئا وهو يطمع ان يتعوض من الموهوب له أكثر مما أعطاه وهو جائز ومنه الحديث المستغزر يثاب من هبته فالنهي إما للتحريم وهو خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى اختار له أشرف الأخلاق وأحسن الآداب أو للتنزيه للكل وقرئ تستكثر بالسكون اعتبارا بحال الوقف أو أبدالا من تمنن كأنه قيل ولا تمنن ولا تستكثر على أنه من المن الذي في قوله تعالى منا ولا أذى لأن من يمن بما يعطي يستكثره ويعتد به وقرئ بالنصب باضمار ان مع ابقاء عملها كقول من قال الا أيها الزاجري احضر الوغى وقد قرىء باثباتها ويجوز في قراءة الرفع ان يحذف ان ويبطل عملها كما يروى احضر الوغى بالرفع ولربك اي لوجهه تعالى أو لأمره فاصبر فاستعمل الصبر وقيل على أذية المشركين وقيل على أداء الفرائض فإذا نقر في الناقور اي نفخ في الصور وهو فاعل من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذي هو سبب الصوت والفاء للسببية كأنه قيل اصبر على أذاهم فبين أيديهم يوم هائل يلقون فيه عاقبة أذاهم وتلقى عاقبة صبرك عليه والعامل في إذا ما دل عليه قوله تعالى فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين وذلك إشارة إلى وقت النقر وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد مع قرب العهد بالمشار اليه للايذان ببعد منزلته في الهول والفظاعة ومحله الرفع على الابتداء ويومئذ
(٥٥)