أدعى إلى احسان العمل واللام متعلقة بخلق اي خلق موتكم وحياتكم على ان الألف واللام عوض عن المضاف اليه ليعاملكم معاملة من يختبركم أيكم أحسن عملا فيجازيكم على مراتب متفاوتة حسب تفاوت طبقات علومكم وأعمالكم فان العمل غير مختص بعمل الجوارح ولذلك فسره عليه الصلاة والسلام بقوله أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله واسرع في طاعة الله فان لكل من القلب والقالب عملا خاصا به فكما ان الأول اشرف من الثاني كذلك الحال في عمله كيف لا ولا عمل بدون معرفة الله عز وجل الواجبة على العباد اثر ذي أثير وانما طريقها النظري التفكر في بدائع صنع الله تعالى والتدبر في آياته المنصوبة في الأنفس والآفاق وقد وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام انه قال لا تفضلوني على يونس بن متى فإنه كان يرفع له كل يوم مثل عمل أهل الأرض قالوا وانما كان ذلك التفكر في أمر الله عز وجل الذي هو عمل القلب ضرورة ان أحدا لا يقدر على ان يعمل بجوارحه كل يوم مثل عمل أهل الأرض وتعليق فعل البلوي اي تعقيبة بحرف الاستفهام لا التعليق المشهور الذي يقتضي عدم ايراد المفعول أصلا مع اختصاصه بأفعال القلوب لما فيه من معنى العلم باعتبار عاقبته كالنظر ونظائره ولذلك أجري مجراه بطريق التمثيل وقيل بطريق الاستعارة التبعية وايراد صيغة التفضيل مع أن الابتلاء شامل لهم باعتبار اعمالهم المنقسمة إلى الحسن والأحسن فقط للايذان بأن المراد بالذات والمقصد الأصلي من الابتلاء هو ظهور كمال احسان المحسنين مع تحقق أصل الايمان والطاعة في الباقين أيضا لكمال تعاضد الموجبات له وأما الإعراض عن ذلك فبمعزل من الاندراج تحت الوقوع فضلا عن الانتظام في سلك الغاية للأفعال الإلهية وانما هو عمل يصدر عن عامله بسوء اختياره من غير مصحح له ولا تقريب وفيه من الترغيب في الترقي إلى معارج العلوم ومدارج الطاعات والزجر عن مباشرة نقائضها ما لا يخفي «وهو العزيز» الغالب الذي لا يفوته من أساء العمل «الغفور» لمن تاب منهم «الذي خلق سبع سماوات» قيل هو نعت للعزيز الغفور أو بيان أو بدل والأوجه انه نصب أو رفع على المدح متعلق بالموصولين السابقين معنى وان كان منقطعا عنهما اعرابا كما مر تفصيله في قوله تعالى الذين يؤمنون بالغيب من سورة البقرة منتظم معهما في سلك الشهادة بتعاليه اليه سبحانه ومع الموصول الثاني في كونه مدارا للبلوي كما نطق به قوله تعالى وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا وقوله تعالى «طباقا» صفة لسبع سماوات اي مطابقة على أنه مصدر طابقت النعل إذا خصفتها وصف به المفعول أو مصدره مؤكد لمحذوف هو صفتها اي طوبقت طباقا وقوله تعالى «ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت» صفة أخرى لسبع سماوات وضع فيها خلق الرحمن موضوع الضمير للتعظيم والاشعار بعلة الحكم وبأنه تعالى خلقها بقدرته القاهرة رحمة وتفضلا وبأن في ابداعها نعما
(٣)