تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٦٧
واستغنى أي زهد فيما عنده تعالى كأنه مستغن عنه فلم يتقه أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة وكذب بالحسنى أي ما ذكر من المعاني المتلازمة فسنيسره للعسرى أي للخصلة المؤدية إلى العسر والشدة كدخول النار ومقدماته لاختياره لها ولعل تصدير القسمين بالاعطاء والبخل مع أن كلا منهما أدنى رتبة مما بعدهما في استتباع التيسير لليسرى والتيسير للعسرى للايذان بأن كلا منهما أصل فيما ذكر لا تتمة لما بعدهما من التصديق والتقوى والتكذيب والاستغناء وتفسير الأول باعطاء الطاعة والثاني بالبخل بما امر به مع كونه خلاف الظاهر يأباه قوله تعالى وما يغني عنه أي ولا يغني أو أي شيء يغني عنه ماله الذي يبخل به إذا تردى أي هلك تفعل من الردي الذي هو الهلاك أو تردى في الحفرة إذا قبر أو تردى في قعر جهنم ان علينا للهدى استئناف مقرر لما قبله اي ان علينا بموجب قضائنا المبني على الحكم البالغة حيث خلقنا الخلق للعبادة ان نبين لهم طريق الهدى وما يؤدي اليه من طريق الضلال وما يؤدي اليه وقد فعلنا ذلك بما لا مزيد عليه حيث بينا حال من سلك كلا الطريقين ترغيبا وترهيبا ومن ههنا تبين أن الهداية هي الدلالة على ما يوصل إلى البغية لا الدلالة الموصلة إليها قطعا وان لنا للآخرة والأولى أي التصرف الكلي فيهما كيفما نشاء فنفعل فيهما ما نشاء من الأفعال التي من جملتها ما وعدنا من التيسير لليسرى والتيسير للعسرى وقيل ان لنا كل ما في الدنيا والآخرة فلا يضرنا ترككم الاهتداء بهدانا فأنذرتكم نارا تلظى بحذف احدى التاءين من تتلظى اي تتلهب وقرئ على الأصل لا يصلاها صليا لازما الا الأشقى الا الكافر فان الفاسق لا يصلاها صليا لازما وقد صرح به قوله تعالى الذي كذب وتولى اي كذب بالحق وأعرض عن الطاعة
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة