«قال فرعون» لما سمع منه عليه الصلاة والسلام تلك المقالة المتينة وشاهد تصلبه في أمره وعدم تأثره بما قدمه من الإبراق والإرعاد شرع في الاعتراض على دعواه عليه الصلاة والسلام فبدأ بالإستفسار عن المرسل فقال «وما رب العالمين» حكاية لما وقع في عباراته عليه الصلاة والسلام أي أي شيء رب العالمين الذي ادعيت أنك رسوله منكرا لأن يكون للعالمين رب سواه حسبما يعرب عنه قوله أنا ربكم الأعلى وقوله ما علمت لكم من إله غيري وينطق به وعيده عند تمام أجوبته عليه الصلاة والسلام «قال» موسى عليه السلام مجيبا له «رب السماوات والأرض وما بينهما» بتعيين ما أراه بالعالمين وتفصيله لزيادة التحقيق والتقرير وحسم مادة تزوير اللعين وتشكيكه بحمل العالمين على ما تحت مملكته «إن كنتم موقنين» أي إن كنتم موقنين الأشياء محققين لها علمتم ذلك أو إن كنتم موقنين بشيء من الأشياء فهذا أولى بالإيقان لظهوره وإنارة دليله «قال» أي فرعون عند سماع جوابه عليه الصلاة والسلام خوفا من تأثيره في قلوب قومه وإذعانهم له «لمن حوله» من أشراف قومه قال ابن عباس رضي الله عنهما كانوا خمسائة عليهم الأساور وكانت للملوك خاصة «ألا تستمعون» مرائيا لهم أن ما سمعوه من جوابه عليه الصلاة والسلام مع كونه مما لا يليق بأن يعتد به أمر حقيق بأن يتعجب منه كأنه قال ألا تستمعون ما يقوله فاستمعوه وتعجبوا منه حيث يدعى خلاف أمر محقق لا اشتباه فيه يريد به ربوبية نفسه «قال» عليه الصلاة والسلام تصريحا بما كان مندرجا تحت جوابية السابقين «ربكم ورب آبائكم الأولين» وحطا له من ادعاء الربوبية إلى مرتبة المربوبية «قال» أي فرعون لما واجهه موسى عليه السلام بما ذكر غاظه ذلك وخاف من تأثر قومه منه فأراهم أن ما قاله عليه الصلاة والسلام مما لا يصدر عن العقلاء صدا لهم عن قبوله فقال مؤكدا لمقالته الشنعاء بحر في التأكيد «إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون» ليفتنهم بذلك ويصرفهم عن قبول الحق وسماه رسولا بطريق الاستهزاء وأضافه إلى مخاطبيه ترفعا من أن يكون مرسلا إلى نفسه «قال» عليه الصلاة والسلام «رب المشرق والمغرب وما بينهما» قاله عليه الصلاة والسلام تكميلا لجوابه الأول وتفسيرا له
(٢٣٩)