الجوارح وما يقصدون بذلك فليكونوا على حذر منه في كل ما يأتون وما يذرون «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن» فلا ينظرون إلى ما لا يحل لهن النظر إليه «ويحفظن فروجهن» بالتستر أو التصون عن الزنا وتقديم الغض لأن النظر يريد الزنا ورائد الفساد «ولا يبدين زينتهن» كالحلى وغيرها مما يتزين به وفيه من المبالغة في النهي عن إبداء مواضعها ما لا يخفى «إلا ما ظهر منها» عند مزاولة الأمور التي لا بد منها عادة كالخاتم والكحل والخضاب ونحوها فإن في سترها حرجا بيننا وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينية والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة «وليضربن بخمرهن على جيوبهن» إرشاد إلى كيفية إخفاء بعض مواضع الزينة بعد النهي عن إبدائها وقد كانت النساء على عادة الجاهلية يسدلن خمرهن من خلفهن فتبدو نحو رهن وقلائدهن من جيوبهن لوسعها فأمرن بإرسال خمرهن إلى جيوبهن سترا لما يبدو منها وقد ضمن الضرب معنى الإلقاء فعلى بعدى وقرئ بكسر الجيم كما تقدم «ولا يبدين زينتهن» كرر النهي لاستثناء بعض مواد الرخصة عنه باعتبار الناظر بعدما استثنى عنه بعض مواد الضرورة باعتبار المنظور «إلا لبعولتهن» فإنهم المقصودون بالزينة ولهم أن ينظروا إلى جميع بدنهن حتى الموضع المعهود «أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن» لكثرة المخالطة الضرورية بينهم وبينهن وقلة توقع الفتنة من قبلهم لما في الطباع الفريقين من النفرة عن الماسة القرائب ولهم ان ينظروا منهن ما عند المهنة والخدمة وعدم ذكر وعدم ذكر الأعمام والأخوال لما أن الأحوط أن يتسترن عنهم حذرا أن يصفوهن لأبنائهم «أو نسائهن» المختصات بهن بالصحبة والخدمة من حرائر المؤمنات فإن الكوافر لا يتحرجن عن وصفهن للرجال «أو ما ملكت أيمانهم» أي من الإماء فإن عبد المرأة بمنزلة الأجنبي منها وقيل من الإماء والعبيد لما روى أنه صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة رضي الله عنها بعبد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها فقال صلى الله عليه وسلم إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك «أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال» أي أولى الحاجة إلى النساء وهم شيوخ الهم والممسوحون في المجبوب والخصي خلاف وقيل هم البلة الذين يتتبعون الناس لفضل طعامهم ولا يعرفون شيئا من أمور النساء وقرئ غير بالنصب على الحالية «أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء»
(١٧٠)