تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٨١
المستوية وقيل هي جمع قاع كجيرة جمع جار وقرئ بقيعات بتاء ممدودة كديمات إما على أنها جمع قيعة أو على أن الأصل قيعة قد أشبعت فتحة العين فتولد منها ألف «يحسبه الظمآن ماء» صفة أخرى لسراب وتخصيص الحسبان بالظمآن مع شموله لكل من يراه كائنا من كان من العطشان والريان لتكميل التشبيه بتحقيق شركة طرفيه في وجه الشبه الذي هو المطلع المطمع والمقطع الموئس «حتى إذا جاءه» أي إذا جاء العطشان ما حسبه ماء وقيل موضعه «لم يجده» أي ما حسبه ماء وعلق به رجاءه «شيئا» أصلالا محققا ولا متوهما كما كان يراه من قبل فضلا عن وجدانه ماء وبه تم بيان أحوال الكفرة بطريق التمثيل وقوله تعالى «ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب» بيان لبقية أحوالهم العارضة لهم بعد ذلك بطريق التكملة لئلا يتوهم أن قصارى أمرهم هو الخيبة والقنوط فقط كما هو شأن الظمآن ويظهر أنه يعتريهم بعد ذلك التمثيل من عدم وجدان الكفرة من أعمالهم المذكورة عينا ولا أثرا كما في قوله تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا كيف لا وأن الحكم بأن أعمال الكفرة كسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده سيئا حكم بأنها بحيث يحسبونها في الدنيا نافعة لهم في الآخرة حتى إذا جاءوها لم يجدوها شيئا كأنه قيل حتى إذا جاء الكفرة يوم القيامة أعمالهم التي كانوا في الدنيا يحسبونها نافعة لهم في الآخرة يجدوها شيئا ووجدوا الله أي حكمه وقضاءه عند المجيء وقيل عند العمل فوفاهم أي أعطاهم وافيا كاملا حسابهم أي حساب أعمالهم المذكورة وجزاءها فإن اعتقادهم لنفعها بغير أيمان وعملهم بموجبه كفر على كفره وجب للعقاب قطا وإفراد الضميرين الراجعين إلى الذين كفروا إما لإرادة الجنس كالضمان الواقع في التمثيل وإما للحمل على كل واحد منهم وكذا إفراد ما يرجع إلى أعمالهم هذا وقد قيل نزل في عتبة بن ربيعة بن أمية كان قد تعبد في الجاهلية وليس المسوح والتمس الدين فلما جاء الإسلام كفر «أو كظلمات» عطف على كسراب وكلمة للتنويع 40 إثر ما مثلت أعمالهم التي كانوا يعتمدون عليها أقوى اعتماد ويفتخرون بها في كل واد وناد بما ذكر من حال السراب مع زيادة حساب وعقاب مثلت أعمالهم القبيحة التي ليس فيها شائبة خيرية يغتر بها المغترون بظلمات كائنة «في بحر لجي» أي عميق كثير الماء منسوب إلى اللج وهو معظم ماء البحر وقيل إلى اللجة وهي أيضا معظمه «يغشاه» صفة أخرى للبحر أي يستره ويغطيه بالكلية «موج» وقوله تعالى «من فوقه موج» جملة من مبتدأ أو خبر محلها الرفع على أنها صفة لموج أو الصفة هي الجار والمجرور وموج الثاني فاعل له لاعتماده على الموصوف والكلام فيه كما مر في قوله تعالى نور على نور أي يغشاه أمواج متراكمة متراكبة بعضها على بعض وقوله تعالى «من فوقه سحاب» صفة لموج الثاني على أحد الوجهين المذكورين من فوق ذلك الموج سحاب ظلماني ستر أضواء النجوم وفيه إيماء إلى غاية تراكم الأمواج وتضاعيفها حتى كأنها بلغت
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300