الخبائث أي لا يصدر عنهم مثل ذلك فمآله تنزيه القائلين سبحانك هذا بهتان عظيم «لهم مغفرة» عظيمة لما لا يخلو عنه البشر من الذنوب «ورزق كريم» هو الجنة «يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم» إثر ما فصل عن الزنا وعن رمي العفائف عنه شرع في تفصيل الزواجر عما عسى يؤدي إلى أحدهما من مخالطة الرجال والنساء ودخولهم عليهن في أوقات الخلوات وتعليم الآداب الجميلة والأفاعيل المرضية المستتبعة لسعادة الدارين ووصف البيوت بمغايرة بيوتهم خارج مخرج العادة التي هي سكنى كل أحد في ملكه وإلا فالمآجر والمعير أيضا منهيان عن الدخول بغير إذن وقرئ بيوتا غير بيوتكم بكسر الباء لأجل الياء «حتى تستأنسوا» أي تستأذنوا من يملك الإذن من أصحابها من الاستئناس بمعنى الاستعلام من آنس الشيء إذا أبصره فإن المستأنس مستعلم للحال مستكشف أنه هل يؤذن له أو من الإستئناس الذي هو خلاف الاستيحاش لما أن المستأذن مستوحش خائف أن لا يؤذن له فإذا أذن له استأنس «وتسلموا على أهلها» عند الاستئذان روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن التسليم أن يقول السلام عليكم أأدخل ثلاث مرات فإن أذن له دخل وإلا رجع «ذلكم» أي الاستئذان مع التسليم «خير لكم» من أن تدخلوا بغتة أو على تحية الجاهلية حيث كان الرجل منهم إذا أراد أن يدخل بيتا غير بيته يقول حييتم صباحا حييتم مساء فيدخل فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف وروي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أستأذن على أمي قال له نعم قال ليس لها خادم غيري أأستأذن عليها كما دخلت قال صلى الله عليه وسلم أتحب أن تراها عريانة قال لا قال صلى الله عليه وسلم فاستأذن «لعلكم تذكرون» متعلق بمضمر أي أمرتم به أو قيل لكم هذا كي تتذكروا وتتعظوا وتعملوا بموجبه «فإن لم تجدوا فيها أحدا» أي ممن يملك الإذن على أن من لا يملكه من النساء والولدان وجدانه كفقدانه أو أحدا أصلا على أن مدلول النص الكريم عبارة هو النهي عن دخول البيوت الخالية لما فيه من الاطلاع على ما يعتاد الناس إخفاءه مع أن التصرف في ملك الغير محظور وطلقا وأما حرمة دخول ما فيه النساء والولدان فثابتة بدلالة النص لأن الدخول حيث حرم مع ما ذكر من العلة فلأن يحرم عند انضمام ما هو أقوى منه إليه أعنى الاطلاع على العورات أولى «فلا تدخلوها» واصبروا «حتى يؤذن لكم» أي من جهة من يملك الإذن عند إتيانه ومن فسره بقوله حتى يأتي من بأذن لكم أو حتى تجدوا من يأذن لكم أو حتى تجدوا من يأذن لكم فقد أبرز القطعي في معرض الاحتمال ولما كان جعل النهي مغيا بالإذن مما يوهم الرخصة في الانتظار على الأبواب مطلقا بل في تكرير الاستئذان ولو بعد الرد ذلك بقوله «وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا» أي إن
(١٦٨)