بل لا ولي ولا نصير في الحقيقة سواه عز وجل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الحج أعطى من الأجر كحجة حجها وعمرة اعتمرها بعدد من حج واعتمر فيما مضى وفيما بقي مكية وهي عند البصريين مائة وتسع عشرة آية وعند الكوفيين مائة وثماني عشرة آية «بسم الله الرحمن الرحيم» «قد أفلح المؤمنون» الفلاح الفوز بالمرام والنجاة من المكروه وقيل البقاء في الخير والإفلاح الدخول في ذلك كالإبشار الذي هو الدخول في البشارة وقد يجيء متعديا بمعنى الإدخال فيه وعليه قراءة من قرأ على البناء للمفعول وكلمة قد ههنا لإفادة ثبوت ما كان متوقع الثبوت من قبل لا متوقع الإخبار به ضرورة أن المتوقع من حال المؤمنين ثبوت الفلاح لهم لا الإخبار بذلك فالمعنى قد فازوا بكل خير ونجوا من كل ضير حسبما كان ذلك متوقعا من حالهم فإن إيمانهم وما تفرع عليه من أعمالهم الصالحة من دواعي الفلاح بموجب الوعد الكريم خلا أنه إن أريد بالإفلاح حقيقة الدخول في الفلاح الذي لا يتحقق إلا في الآخرة فالإخبار به على صيغة الماضي الدلالة على تحققه لا محالة بتنزيله منزلة الثابت وإن أريد كونهم بحال تستتبعه البتة فصيغة الماضي في محلها وقرئ أفلحوا على الإبهام والتفسير أو على أكلوني البراغيث وقرئ أفلح بضمة اكتفى بها عن الواو كما في قول من قال [ولو أن الأطبا كان حولى] والمراد بالمؤمنين إما المصدقون بما علم ضرورة أنه من دين نبينا صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والبعث والجزاء ونظائرها فقوله تعالى «الذين هم في صلاتهم خاشعون» وما عطف عليه صفات مخصصة لهم وإما الآتون بفروعه أيضا كما ينبئ عنه إضافة الصلاة إليهم فهي صفات موضحة أو مادحة لهم حسب اعتبار ما ذكر في حيز الصلة من المعاني مع الإيمان إجمالا أو تفصيلا كما مر في أوائل سورة البقرة والخشوع الخوف والتذلل أي خائفون من الله عز وجل متذللون له ملزمون أبصارهم مساجدهم روى أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فلما نزلت رمى ببصره نحو مسجده وأنه رأى مصليا يعبث بلحيته فقال لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه «والذين هم عن اللغو» أي عما لا يعنيهم من الأقوال والأفعال
(١٢٣)