تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٢٦
إثر بيان حال بعض أفراده السعداء واللام جواب قسم والواو ابتدائية وقيل عاطفة على ما قبلها والمراد بالإنسان الجنس أي وبالله لقد خلقنا جنس الإنسان في ضمن خلق آدم عليه السلام خلقا إجماليا حسبما تحققته في سورة الحج وغيرها وأما كونه مخلوقا من سلالات جعلت نطفا بعد أدوار وأطوار فبعيد «من سلالة» السلالة ما سل من الشيء واستخرج منه فإن فعالة اسم لما يحصل من الفعل فتارة تكون مقصودا منه كالخلاصة وأخرى غير مقصود منه كالقلامة والكناسة والسلالة من قبيل الأول فإنها مقصودة بالسل ومن ابتدائية متعلقة بالخلق ومن في قوله تعالى «من طين» بيانية متعلقة بمحذوف وقع صفة لسلالة أي خلقناه من سلالة كائنة من طين ويجوز أن تتعلق بسلالة على أنها بمعنى مسلولة فهي ابتدائية كالأولى وقيل المراد بالإنسان آدم عليه السلام فإنه الذي خلق من صفوة سلت من الطين وقد وقفت على التحقيق «ثم جعلناه» أي الجنس باعتبار افراده المغايرة لآدم عليه السلام أو جعلنا نسله على حذف المضاف إن أريد بالإنسان آدم عليه السلام «نطفة» بأن خلقناه منها أو ثم جعلنا السلالة نطفة والتذكير بتأويل الجوهر أو المسلول أو الماء «في قرار» أي مستقر وهو الرحم عبر عنها بالقرار الذي هو مصدر مبالغة وقوله تعالى «مكين» وصف لها بصفة ما استقر فيها مثل طريق سائر أو بمكانتها في نفسها فإنها مكنت بحيث هي وأحرزت «ثم خلقنا النطفة علقة» أي دما جامدا بأن أحلنا النطفة البيضاء علقة حمراء «فخلقنا العلقة مضغة» أي قطعة لحم لا استبانة ولا تمايز فيها «فخلقنا المضغة» أي غالبها ومعظمها أو كلها «عظاما» بأن صلبناها وجعلناها عمودا للبدن على هيئات وأوضاع مخصوصة تقتضيها الحكمة «فكسونا العظام» المعهودة «لحما» من بقية المضغة أو مما أنبتنا عليها بقدرتنا مما يصل إليها أي كسونا كل عظم من تلك العظام ما يليق به من اللحم على مقدار لائق به وهيئة مناسبة له واختلاف العواطف للتنبيه على تفاوت الاستحالات وجمع العظام لاختلافها وقرئ على التوحيد فيهما اكتفاء بالجنس وبتوحيد الأول فقط وبتوحيد الثاني فحسب «ثم أنشأناه خلقا آخر» هي صورة البدن أو الروح أو القوى بنفخه فيه أو المجموع وثم لكمال التفاوت بين الخلقين واحتج به أبو حنيفة رحمه الله على أن من غصب بيضة فأفرخت عنده لزمه ضمان البيضة لا الفرخ لأنه خلق آخر «فتبارك الله» فتعالى شأنه في علمه الشامل وقدرته الباهرة والالتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة وإدخال الروعة والإشعار بأن ما ذكر من الأفاعيل العجيبة من أحكام الألوهية وللإيذان بأن حق كل من سمع ما فصل من آثار قدرته عز وعلا أو لاحظه أن يسارع إلى التكلم به إجلالا وإعظاما لشؤونه تعالى «أحسن الخالقين» بدل من الجلالة وقيل نعت له بناء على أن الإضافة ليست لفظية وقيل خبر مبتدأ محذوف أي هو أحسن الخالقين خلقا أي المقدرين تقديرا حذف المميز
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300