«وإذا تتلى عليهم آياتنا» عطف على يعبدون وما بينهما اعتراض وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار التجددي «بينات» أي حال كونها واضحات الدلالة على العقائد الحقة والأحكام الصادقة أو على بطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام أو على كونها من عند الله عز وجل «تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر» أي الإنكار كالمكرم بمعنى الإكرام أو الفظيع من التجهم والبسور أو الشر الذي يقصدونه بظهور مخايله من الأوضاع والهيئات وهو الأنسب بقوله تعالى «يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا» أي يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لأباطيل أخذوها تقليدا وهل جهالة أعظم وأطم من أن يعبدوا ما لا يوهم صحة عبادته شيء ما أصلا بل يقضي ببطلانها العقل والنقل ويظهروا لمن يهديهم إلى الحق البين بالسلطان المبين مثل هذا المنكر الشنيع كلا ولهذا وضع الذين كفروا موضع الضمير «قل» ردا عليهم وإقناطا عما يقصدونه من الإضرار بالمسلمين «أفأنبئكم» أي أأخاطبكم فأخبركم «بشر من ذلكم» الذي فيكم من غيظكم على التالين وسطوتكم بهم أو مما تبغونهم من الغوائل أو مما أصابكم من الضجر بسبب ما تلوه عليكم «النار» أي هو النار على أنه جواب لسؤال مقدر كأنه قيل ما هو وقيل هو مبتدأ خبره قوله تعالى «وعدها الله الذين كفروا» وقرئ النار بالنصب على الاختصاص وبالجر بدلا من شر فتكون الجملة الفعلية استئنافا كالوجه الأول أو حالا من النار بإضمار قد «وبئس المصير» النار «يا أيها الناس ضرب مثل» أي بين لكم حال مستغربة أو قصة بديعة رائعة حقيقة بأن تسمى مثلا وتسير في الأمصار والأعصار أو جعل لله مثل أي مثل في استحقاق العبادة وأريد بذلك ما حكى عنهم من عبادتهم للأصنام «فاستمعوا له» أي للمثل نفسه استماع تدبر وتفكر أو فاستمعوا لأجله ما أقول فقوله تعالى «إن الذين تدعون من دون الله» الخ بيان للمثل وتفسير له على الأول وتعليل لبطلان جعلهم الأصنام مثل الله سبحانه في استحقاق العبادة على الثاني وقرئ بياء الغيبة مبنيا للفاعل ومبنيا للمفعول والراجع إلى الموصول على الأولين محذوف «لن يخلقوا ذبابا» أي لن يقدروا على خلقه أبدا مع صغره وحقارته فإن لن بما فيها من تأكيد النفي دالة على منافاة ما بين المنفى والمنفي عنه «ولو اجتمعوا له» أي لخلقه وجواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه والجملة معطوفة على شرطية أخرى محذوفة ثقة بدلالة هذه عليها أي لو لم يجتمعوا عليه لن يخلقوه ولو اجتمعوا له لن يخلقوه كما مر تحقيقه مرارا وهما في موضع الحال كأنه قيل لن يخلقوا ذبابا
(١٢٠)