تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٧٢
(وإن من شيء) إن للنفي ومن مزيدة للتأكيد وشئ في محل الرفع على الابتداء أي ما من شيء من الأشياء الممكنة فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا (إلا عندنا خزائنه) الظرف خبر للمبتدأ وخزائنه مرتفع به على أنه فاعله لاعتماده أو خبر له والجملة خبر للمبتدأ الأول والخزائن جمع الخزانة وهي ما يحفظ فيه نفائس الأموال لا غير غلب في العرف على ما للملوك والسلاطين من خزائن أرزاق الناس شبهت مقدوراته تعالى الفائتة للحصر المندرجة تحت قدرته الشاملة في كونها مستورة عن علوم العالمين ومصونة عن وصول أيديهم مع كمال افتقارهم إليها ورغبتهم فيها وكونها مهيأة متأتية لإيجاده وتكوينه بحيث متى تعلقت الإرادة بوجودها وجدت بلا تأخر بنفائس الأموال المخزونة في الخزائن السلطانية فذكر الخزائن على طريقة الاستعارة التخييلية (وما ننزله) أي ما نوجد وما نكون شيئا من تلك الأشياء ملتبسا بشيء من الأشياء (إلا بقدر معلوم) أي إلا ملتبسا بمقدار معين تقتضيه الحكمة وتستدعيه المشيئة التابعة لها لا بما تقتضيه القدرة فإن ذلك غير متناه فإن تخصيص كل شيء بصفة معينة وقدر معين ووقت محدود دون ما عدا ذلك مع استواء الكل في الإمكان واستحقاق تعلق القدرة به لا بد له من حكمة تقتضي اختصاص كل من ذلك بما اختص به وهذا البيان سر عدم تكوين الأشياء على وجه الكثرة حسبما هو في خزائن القدرة وهو إما عطف على مقدر أي ننزله وما ننزله الخ أو حال مما سبق أي عندنا خزائن كل شيء والحال أنا ما ننزله إلا بقدر معلوم فالأول لبيان سعة القدرة والثاني لبيان بالغ الحكمة وحيث كان إنشاء ذلك بطريق التفضل من العالم العلوي إلى العلم السفلي كما في قوله تعالى وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج وكان ذلك بطريق التدريج عبر عنه بالتنزيل وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار (وأرسلنا الرياح) عطف على جعلنا لكم فيها معايش وما بينهما اعتراض لتحقيق ما سبق وترشيح ما لحق أي أرسلنا الرياح (لواقح) أي حوامل شبهت الريح التي تجيء بالخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه بالعقيم مالا يكون كذلك أو ملقحات بالشجر والسحاب ونظيره الطوائح بمعنى المطيحات في قوله [ومختبط مما تطيح الطوائح] أي المهلكات وقرئ وأرسلنا الريح على إرادة الجنس (فأنزلنا من السماء) بعد ما أنشأنا بتلك الرياح سحابا ماطرا (ماء فأسقيناكموه) أي جعلناه لكم سقيا وهو أبلغ من سقيناكموه لما فيه من الدلالة على جعل الماء معدا لهم ينتفعون به متى شاءوا (وما أنتم له بخازنين) نفي عنهم ما أثبته لجنابه بقوله وإن من شيء إلا عندنا خزائنه كأنه قيل نحن القادرون على إيجاده وخزنه في السحاب وإنزاله وما أنتم على ذلك بقادرين وقيل ما أنتم بخازنين له بعد ما أنزلناه في الغدران والآبار والعيون بل نحن نخزنه فيها ليجعلها سقيا لكم مع أن طبيعة الماء تقتضي الغور (وإنا لنحن نحي) بإيجاد الحياة في بعض الأجسام القابلة لها
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272