تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٧٤
مسنونيته ليس في حال كونه صلصالا بل في حال كونه حمأ كأنه سبحانه أفرغ الحمأ فصور من ذلك تمثال إنسان أجوف فيبس حتى إذا نقر صوت ثم غيره إلى جوهر آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (والجان) أبا الجن وقيل إبليس ويجوز أن يراد به الجنس كما هو الظاهر من الإنسان لأن تشعب الجنس لما كان من فرد واحد مخلوق من مادة واحدة كان الجنس بأسره مخلوقا منها وقرئ بالهمزة وانتصابه بفعل يفسره (خلقناه) وهو أقوى من الرفع للعطف على الجملة الفعلية (من قبل) من قبل خلق الإنسان ومن هذا يظهر جواز كون المراد بالمستقدمين أحد الثقلين وبالمستأخرين الآخر والخطاب بقوله منكم للكل (من نار السموم) من نار الحر الشديد النافذ في المسام ولا امتناع من خلق الحياة من الأجرام البسيطة كما لا امتناع من خلقها في الجواهر المجردة فضلا عن الأجسام المؤلفة التي غالب أجزائها الجزء الناري فإنها أقبل لها من التي غالب أجزائها الجزء الأرضي وقوله تعالى من نار باعتبار الغالب كقوله تعالى خلقكم من تراب ومساق الآية الكريمة كما هو للدلالة على كمال قدرة الله تعالى وبيان بدء خلق الثقلين فهو للتنبيه على المقدمة الثانية التي يتوقف عليها إمكان الحشر وهو قبول المواد للجمع والإحياء (وإذ قال ربك) نصب بإضمار اذكر وتذكير الوقت لما مر مرارا من أنه أدخل في تذكير ما وقع فيه من الحوادث وفي التعرض لوصف الربوبية المنبئة عن تبليغ الشيء إلى كماله اللائق به شيئا فشيئا مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام إشعارا بعلة الحكم وتشريف له عليه الصلاة والسلام أي اذكر وقت قوله تعالى (للملائكة إني خالق) فيما سيأتي وفيه ما ليس في صيغة المضارع من الدلالة على أنه تعالى فاعل له البتة من غير صارف يثنيه ولا عاطف يلويه (بشرا) أي إنسانا قيل ليس هذا عين العبارة الجارية وقت الخطاب بل الظاهر أن يكون قد قيل لهم إني خالق خلقا من صفته كيت وكيت ولكن اقتصر عند الحكاية على الاسم وقيل جسما كثيفا يلاقي ويباشر وقيل خلقا بادي البشر بلا صوف ولا شعرة (من صلصال) متعلق بخالق أو بمحذوف وقع صفة لمفعوله أي بشرا كائنا من صلصال كائن (من حمأ مسنون) تقدم تفسيره ولا ينافي هذا ما في قوله تعالى في سورة ص من قوله بشرا من طين فإن عدم التعرض عند الحكاية لوصف الطين من التغير والأسود ولما ورد عليه من آثار التكوين لا يستلزم عدم التعرض لذلك عند وقوع المحكي غايته أنه لم يتعرض له هناك اكتفاء بما شرح ههنا (فإذا سويته) أي صورته بالصورة الإنسانية والخلقة البشرية أو سويت أجزاء بدنه بتعديل طبائعه (ونفخت فيه من روحي) النفخ إجراء الريح إلى تجويف جسم صالح لإمساكها والامتلاء بها وليس ثمة نفخ ولا منفوخ وإنما هو تمثيل لإفاضة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها أي فإذا كملت استعداده وأفضت عليه ما يحيا به من الروح التي هي من أمري
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272