شيطان رجيم) مرمي بالنجوم فلا يقدر أن يصعد إليها ويوسوس في أهلها ويتصرف فيها ويقف على أحوالها (إلا من استرق السمع) محله النصب على الاستثناء المتصل إن فسر الحفظ بمنع الشياطين عن التعرض لها على الإطلاق والوقوف على ما فيها في الجملة أو المنقطع إن فسر ذلك بالمنع عن دخولها والتصرف فيها عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم كانوا لا يحجبون عن السماوات فلما ولد عيسى عليه السلام منعوا من ثلاث سماوات ولما ولد النبي صلى الله عليه وسلم منعوا من السماوات كلها واستراق السمع اختلاسه سرا شبه به خطفتهم اليسيرة من قطان السماوات بما بينهم من المناسبة في الجوهر أو بالاستدلال من الأوضاع (فأتبعه) أي تبعه ولحقه (شهاب) لهب محرق وهو شعلة نار ساطعة وقد يطلق على الكواكب والسنان لما فيهما من البريق (مبين) ظاهر أمره للمبصرين قال معمر قلت لابن شهاب الزهري أكان يرمي بالنجوم في الجاهلية قال نعم وإن النجم ينقض ويرمي به الشيطان فيقتله أو يخبله لئلا يعود إلى استراق السمع ثم يعود إلى مكانه قال أفرأيت قوله تعالى وأنا كنا نقعد منها مقاعد الآية قال غلظت وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن قتيبة إن الرجم كان قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ولكن لم يكن في شدة الحراسة كما بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس رضي الله عنهما إن الشياطين يركب بعضهم بعضا إلى السماء الدنيا يسترقون السمع من الملائكة فيرمون بالكواكب فلا يخطئ أبدا فمنهم من يقتله ومنهم من يحرق وجهه وجنبه ويده حيث يشاء الله تعالى ومنهم من يخبله فيصير غولا فيضل الناس في البوادي قال القرطبي اختلفوا في أن الشهاب هل يقتل أم لا قال ابن عباس رضي الله عنهما يجرح ويحرق ويخبل ولا يقتل وقال الحسن وطائفة يقتل قال والأول أصح (والأرض مددناها) بسطناها وهو بالنصب على الحذف على شريطة التفسير ولم يقرأ بالرفع لرجحان النصب للعطف على الجملة الفعلية أعني قوله تعالى ولقد جعلنا الخ وليوافق ما بعده أعني قوله تعالى (وألقينا فيها رواسي) أي جبالا ثوابت وقد مر بيانه في أول الرعد (وأنبتنا فيها) أي في الأرض أو فيها وفي رواسيها (من كل شيء موزون) بميزان الحكمة ذاتا وصفة ومقدارا وقيل ما يوزن من الذهب والفضة وغيرهما أو من كل شيء مستحسن مناسب أو ما يوزن ويقدر من أبواب النعمة (وجعلنا لكم فيها معايش) ما تعيشون به من المطاعم والملابس وغيرهما مما يتعلق به البقاء وهي بياء صريحة وقرئ بالهمزة تشبيها له بالشمائل (ومن لستم له برازقين) عطف على معايش أو على محل لكم كأنه قيل جعلنا لكم معايش وجعلنا لكم من لستم برازقيه من العيال والمماليك والخدم والدواب وما أشبهها على طريقة التغليب وذكرهم بهذا العنوان لرد حسبانهم أنهم يكفون مؤناتهم ولتحقيق أن الله تعالى هو الذي يرزقهم وإياهم أو وجعلنا لكم فيها معايش ولمن لستم له برازقين
(٧١)