لا استمرار فيه وعلى تقدير حالية برزوا فهو معطوف على تبدل ويجوز عطفه على عامل الظرف المقدم على تقدير كونه ينجزه (يومئذ) يوم إذ برزوا له عز وجل أو يوم إذ تبدل الأرض أو يوم إذ ينجز وعده (مقرنين) قرن بعضهم مع بعض حسب اقترانهم في الجرائم والجرائر أو قرنوا مع الشياطين الذين أغووهم أو قرنوا مع ما اقترفوا من العقائد الزائغة والملكات الردية والأعمال السيئة غب تصور كل منها وتشكلهما بما يناسبها من الصور الموحشة والأشكال الهائلة أو قرنت أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم وهو حال من المجرمين (في الأصفاد) في القيود أو الأغلال وهو إما متعلق بقوله تعالى مقرنين أو حال من ضميره أي مصفدين (سرابيلهم) أي قمصانهم (من قطران) جملة من مبتدأ وخبر محلها النصب على الحالية من المجرمين أو من ضميرهم في مقرنين رابطتها الضمير فقط كما في كلمته فوه إلى في أو مستأنفة والقطران ما يتحلب من الإبل فيطبخ فتهنأ به الإبل الجربى فيحرق الجرب بما فيه من الحدة الشديدة وقد تصل حرارته إلى الجوف وهو اسود منتن يسرع فيه اشتعال النار يطلى به جلود أهل النار حتى يعود طلاؤه لهم كالسراويل ليجتمع عليهم الألوان الأربعة من العذاب لذعه وحرقته وإسراع النار في جلودهم واللون الموحش والنتن على أن التفاوت بينه وبين ما نشاهده وبين النارين لا يكاد يقادر قدره فكأن ما نشاهده منهما أسماء مسمياتها في الآخرة فبكرمه العميم نعوذ وبكنفه الواسع نلوذ ويحتمل أن يكون ذلك تمثيلا لما يحيط بجوهر النفس من الملكات الردية والهنات الوحشية فتجلب إليها الآلام والغموم بل وأن يكون القطران المذكور عين مالا بسوه في هذه النشأة وجعلوه شعارا لهم من العقائد الباطلة والأعمال السيئة المستجلبة لفنون العذاب قد تجسدت في النشأة الآخرة بتلك الصورة المستتبعة لاشتداد العذاب عصمنا الله سبحانه عن ذلك بمنه ولطفه وقرئ من قطرآن أي نحاس مذاب متناه حره (وتغشى وجوههم النار) أي تعلوها وتحيط بها النار التي تمس جسدهم المسربل بالقطران وتخصيص الوجوه بالحكم المذكور مع عمومه لسائر أعضائهم لكونها أعز الأعضاء الظاهرة وأشرفها كقوله تعالى أفمن يتقى بوجهه سوء العذاب الخ ولكونها مجمع المشاعر والحواس التي خلقت لإدراك الحق وقد أعرضوا عنه ولم يستعملوها في تدبيره كما أن الفؤاد أشرف الأعضاء الباطنة ومحل المعرفة وقد ملئوها بالجهالات لذلك قيل تطلع على الأفئدة أو لخلوها عن القطران المغنى عن ذكر غشيان النار لها ولعل تخليتها عنه ليتعارفوا عند انكشاف اللهب أحيانا ويتضاعف عذابهم بالخزى على رؤوس الأشهاد وقرئ تغشى أي تتغشى بحذف إحدى التاءين والجملة نصب على الحالية لا على أن الواو حالية لأنه مضارع مثبت بل على أنها معطوفة على الحال قاله أبو البقاء (ليجزى الله) متعلق بمضمر أي يفعل بهم ذلك ليجزى (كل نفس) مجرمة (ما كسبت) من أنواع الكفر والمعاصي جزاء موافقا لعملها وفيه إبذان بأن جزاءهم مناسب لأعمالهم أو بقوله برزوا
(٦١)