(ونميت) بإزالتها عنها وقد يعمم الإحياء والإماتة لما يشمل الحيوان والنبات وتقديم الضمير للحصر وهو إما تأكيد للأول أو مبتدأ خبره الفعل والجملة خبر لأنا ولا يجوز كونه ضمير الفصل لا لأن اللام مانعة من ذلك كما قيل فإن النجاة جوزوا دخول لام التأكيد على ضمير الفصل كما في قوله تعالى إن هذا لهو القصص الحق بل لأنه لم يقع بين اسمين (ونحن الوارثون) أي الباقون بعد فناء الخلق قاطبة المالكون للملك عند انقضاء زمان الملك المجازى الحاكمون في الكل أولا وآخرا وليس لهم إلا التصرف الصوري والملك المجازى وفيه تنبيه على أن المتأخر ليس بوارث للمتقدم كما يتراءى من ظاهر الحال (ولقد علمنا المستقدمين منكم) من تقدم منكم ولادة وموتا (ولقد علمنا المستأخرين) من تأخر ولادة وموتا أو من خرج من أصلاب الآباء ومن لم يخرج بعد أو من تقدم في الإسلام والجهاد وسبق إلى الطاعة ومن تأخر في ذلك لا يخفى علينا شيء من أحوالكم وهو بيان لكمال علمه بعد الاحتجاج على كمال قدرته فإن ما يدل عليها دليل عليه وفي تكرير قوله تعالى ولقد علمنا مالا يخفى من الدلالة على كمال التأكيد وقيل رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف الأول فازدحموا عليه فنزلت وقيل إن امرأة حسناء كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم بعض الناس لئلا يراها وتأخر آخرون ليروها فنزلت والأول هو المناسب لما سبق وما لحق من قوله تعالى (وإن ربك هو يحشرهم) أي للجزاء وتوسيط ضمير العظمة للدلالة على أنه هو القادر على حشرهم والمتولى له لا غير لأنهم كانوا يستبعدون ذلك ويستنكرونه ويقولون من يحي العظام وهي رميم أي هو يحشرهم لا غير وفي الالتفات والتعرض لعنوان الربوبية إشعارا بعلة الحكم وفي الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم دلالة على اللطف به عليه الصلاة والسلام (إنه حكيم) بالغ الحكمة متقن في أفعاله فإنها عبارة عن العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه والإتيان بالأفعال على ما ينبغي (عليم) وسع علمه كل شيء ولعل تقديم صفة الحكمة للإيذان باقتضائها للحشر والجزاء (ولقد خلقنا الإنسان) أي هذا النوع بأن خلقنا أصله وأول فرد من أفراده خلقا بديعا منطويا على خلق سائر أفراده انطواء إجماليا كما مر تحقيقه في سورة الأنعام (من صلصال) من طين يابس غير مطبوخ يصلصل أي يصوت عند نقره قيل إذا توهمت في صوته مدا فهو صليل وإن توهمت فيه ترجيعا فهو صلصلة وقيل هو تضعيف صل إذا أنتن (من حمأ) من طين تغير واسود بطول مجاورة الماء وهو صفة لصلصال أي من صلصال كائن من حمأ (مسنون) أي مصور من سنة الوجه وهي صورته أو مصبوب من سن الماء صبه أي مفرغ على هيئة الإنسان كما يفرغ الصور من الجواهر المذابة في القوالب وقيل منتن فهو صفة لحمأ وعلى الأولين حقه أن يكون صفة لصلصال وإنما أخر عن حمأ تنبيها على أن ابتداء
(٧٣)