تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٦٧
وتقديم الجار والمجرور على القائم مقام الفاعل لأن إنكارهم متوجه إلى كون النازل ذكرا من الله تعالى لا إلى كون المنزل عليه رسول الله بعد تسليم كون النازل منه تعالى كما في قوله تعالى لولا نزيل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم فإن الإنكار هناك متوجه إلى كون المنزل عليه رسول الله تعالى وإيراد الفعل على صيغة المجهول لإيهام أن ذلك ليس بفعل له فاعل أو لتوجيه الإنكار إلى كون التنزيل عليه لا إلى استناده إلى الفاعل (لو تأتينا) كلمة لو عند تركبها مع ما تفيد ما تفيده عند تركبها مع لامن معنى امتناع الشيء لوجود غيره ومعنى التحضيض خلا أنه عند إرادته لا يليها إلا فعل ظاهر أو مضمر وعند إرادة المعنى الأول لا يليها إلا اسم ظاهر أو مقدر عند البصريين والمراد ههنا هو الثاني أي هلا تأتينا (بالملائكة) يشهدون بصحة نبوتك ويعضدونك في الإنذار كقوله تعالى لولا أنزل عليه ملك فيكون معه نذيرا أو يعاقبوننا على التكذيب كما تأتي الأمم المكذبة لرسلهم (إن كنت من الصادقين) في دعواك فإن قدرة الله تعالى على ذلك مما لا ريب فيه وكذا احتياجك إليه في تمشية أمرك فإنا لا نصدقك بدون ذلك أو إن كنت من جملة تلك الرسل الصادقين الذين عذبت أممهم المكذبة لهم (ما ننزل الملائكة) بالنون على بناء الفعل لضمير الجلالة من التنزيل وقرئ من الإنزال وقرئ تنزل مضارعا من التنزيل على صيغة البناء للمفعول ومن التنزيل بحذف إحدى التاءين وما ضيا منه ومن التنزيل ومن الثلاثي وهو كلام مسوق إلى النبي صلى الله عليه وسلم جوابا لهم عن مقالتهم المحكية وردا لاقتراحهم الباطل ولشدة استدعاء ذلك للجواب قدم رده على ما هو جواب عن أولها أعني قوله إنا نحن نزلنا الذكر الآية كما فعل في قوله تعالى قال إنما يأتيكم به الله فإنه مع كونه جوابا عن قولهم فائتنا بما تعدنا قدم على قوله ولا ينفعكم نصحى الآية مع كونه جوابا عن أول كلامهم الذي هو قولهم يا نوح قد جادلتنا لما ذكر من شدة اقتضائه للجواب وليكون أحد الجوابين متصلا بالسؤال وفي العكس يلزم انفصال كل من الجوابين عن سؤاله والعدول عن تطبيقه لظاهر كلامهم بصدد الاقتراح وهو أن يقال ما تأتيهم بهم للإيذان بأنهم قد أخطئوا في التعبير حسبما أخطئوا في الاقتراح وأن الملائكة لعلو رتبتهم أعلى من أن ينسب إليهم مطلق الإتيان الشامل للانتقال من أحد الأمكنة المتساوية إلى الآخر منها بل من الأسفل إلى الأعلى وأن يكون مقصد حركاتهم أولئك الكفرة وأن يدخلوا تحت ملكوت أحد من البشر وإنما الذي يليق بشأنهم النزول من مقامهم العالي وكون ذلك بطريق التنزيل من جناب الرب الجليل (إلا بالحق) أي ملتبسا بالوجه الذي يحق ملابسة التنزيل به مما تقتضيه الحكمة وتجرى به السنة الإلهية كقوله سبحانه وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق والذي اقترحوه من التنزيل لأجل الشهادة لديهم وهم هم ومنزلتهم في الحقارة والهوان منزلتهم مما لا يكاد يدخل تحت الصحة الحكمة أصلا فإن ذلك من باب التنزيل بالوحي الذي لا يكاد يفتح على غير الأنبياء الكرام من
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272