شبههم ملجئا إلى الإيمان يعكسون الأمر ويجعلونه مانعا منه (قل) لهم أولا من قبلها تبيينا للحكمة وتحقيقا للحق المزيح للريب (لو كان) أي ولو وجد واستقر (في الأرض) بدل البشر (ملائكة يمشون مطمئنين) قارين فيها من غير أن يعرجوا في السماء ويعلموا ما يجب أن يعلم (لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا) يهديهم إلى الحق ويرشدهم إلى الخير لتمكنهم من الاجتماع والتلقي منه وأما عامة البشر فهم بمعزل من استحقاق المفاوضة الملكية فكيف لا وهي منوطة بالتناسب والتجانس فبعث الملك إليهم مزاحم للحكمة التي عليها مبنى التكوين والتشريع وإنما يبعث الملك من بينهم إلى الخواص المختصين بالنفوس الزكية المؤيدين بالقوة القدسية المتعلقين بكلا العالمين الروحاني والجسماني ليتلقوا من جانب ويلقوا إلى جانب وقوله تعالى ملكا يحتمل أن يكون حالا من رسولا وأن يكون موصوفا به وكذلك بشرا في قوله تعالى أبعث الله بشرا رسولا والأول أولى (قل) لهم ثانيا من جهتك بعد ما قلت لهم من قبلنا ما قلت وبينت لهم ما تقتضيه الحكمة في البعثة ولم يرفعوا إليه رأسا 0 كفى بالله) وحده (شهيدا) على أني أديت ما علي من مواجب الرسالة أكمل أداء وأنكم فعلتم ما فعلتم من التكذيب والعناد وتوجيه الشهادة إلى كونه صلى الله عليه وسلم رسولا بإظهار المعجزة على وفق دعواه كما اختير لا يساعده قوله تعالى (بين وبينكم) وما بعده من التعليل وإنما لم يقل بيننا تحقيقا للمفارقة وإبانة للمباينة وشهيدا إما حال أو تمييز (إنه كان بعباده) من الرسل والمرسل إليهم (خبيرا بصيرا) محيطا بظواهر أحوالهم وبواطنها فيجازيهم على ذلك وهو تعليل الكفاية وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديد للكفار (ومن يهد الله) كلام مبتدأ يفصل ما أشار إليه الكلام السابق من مجازاة العباد إشارة إجمالية أي من يهده الله إلى الحق بما جاء من قبله من الهدى (فهو المهتد) إليه وإلى ما يؤدي إليه من الثواب أو المهتد إلى كل مطلوب (ومن يضلل) أي يخلق فيه الضلال بسوء اختياره كهؤلاء المعاندين (فلن تجد لهم) أوثر ضمير الجماعة اعتبارا لمعنى من غب ما أوثر في مقابله الإفراد نظرا إلى لفظها تلويحا بوحدة طريق الحق وقلة سالكيه وتعدد سبل الضلال وكثرة الضلال (أولياء من دونه) من دون الله تعالى أي أنصارا يهدونهم إلى طريق الحق أو إلى طريق يوصلهم إلى مطالبهم الدنيوية والآخروية أو إلى طريق النجاة من العذاب الذي يستدعيه ضلالهم على معنى أن تجد لأحد منهم وليا على ما تقتضيه قضية مقابلة بالجمع من انقسام الآحاد إلى الآحاد (ونحشرهم) التفات من الغيبة إلى التكلم إيذانا بكمال الاعتناء بأمر الحشر (يوم القيامة على وجوههم) حال من الضمير المنصوب أي
(١٩٦)