تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٤٩
أمة جمة حسبما قيل [ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد] وهو رئيس أهل التوحيد وقدوة أصحاب التحقيق جادل أهل الشرك وألقمهم الحجر ببينات باهرة لا تبقى ولا تذر وأبطل مذاهبهم الزائغة بالبراهين القاطعة والحجج الدامغة أو لأنه صلى الله عليه وسلم كان مؤمنا وحده والناس كلهم كفار وقيل هي فعلة بمعنى مفعول كالرحلة والنخبة من أمه إذا قصده أو اقتدى به فإن الناس كانوا يقصدونه ويقتدون بسيرته لقوله تعالى إني جاعلك للناس إماما وإيراد ذكره صلى الله عليه وسلم عقيب تزييف مذاهب المشركين من الشرك والطعن في النبوة وتحريم ما أحله الله تعالى للإيذان بأن حقية دين الإسلام وبطلان الشرك وفروعه أمر ثابت لا ريب فيه «قانتا لله» مطيعا له قائما بأمره «حنيفا» مائلا عن كل دين باطل إلى الدين الحق غير زائل عنه بحال «ولم يك من المشركين» في أمر من أمور دينهم أصلا وفرعا صرح بذلك مع ظهوره لا ردا على كفار قريش فقط في قولهم نحن على ملة أبينا إبراهيم بل عليهم وعلى اليهود المشركين بقولهم عزير ابن الله في افترائهم وادعائهم أنه عليه الصلاة والسلام كان على ما هم عليه كقوله سبحانه ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنفيا مسلما وما كان من المشركين إذ به ينتظم أمر إيراد التحريم والسبت سابقا ولاحقا «شاكرا لأنعمه» صفة ثالثة لأمة وإنما أوثر صيغة جمع القلة للإيذان بأنه عليه السلام كان لا يخل بشكر النعمة القليلة فكيف بالكثيرة وللتصريح بكونه عليه السلام على خلاف ما هم عليه من الكفران بأنعم الله تعالى حسبما بين ذلك بضرب المثل «اجتباه» للنبوة «وهداه إلى صراط مستقيم» موصل إليه سبحانه وهو ملة الإسلام وليست نتيجة هذه الهداية مجرد اهتدائه عليه السلام بل مع إرشاد الخلق أيضا بمعونة قرينة الاجتباء «وآتيناه في الدنيا حسنة» حالة حسنة من الذكر الجميل والثناء فيما بين الناس قاطبة حتى أنه ليس من أهل دين إلا وهم يتولونه وقيل هي الخلة والنبوة وقيل قول المصلي منا كما صليت على إبراهيم والالتفات إلى التكلم لإظهار كمال الاعتناء بشأنه وتفخيم مكانه عليه الصلاة والسلام «وإنه في الآخرة لمن الصالحين» أصحاب الدرجات العالية في الجنة حسبما سأله بقوله وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم «ثم أوحينا إليك» مع علو طبقتك وسمو رتبتك «أن اتبع ملة إبراهيم» الملة اسم لما شرعه الله تعالى لعباده على لسان الأنبياء عليهم السلام من أمللت الكتاب إذا أمليته وهو الدين بعينه لكن باعتبار الطاعة له وتحقيقه أن الوضع الإلهي مهما نسب إلى من يؤديه عن الله تعالى يسمى ملة ومهما نسب إلى من يقيمه ويعمل به يسمى دينا قال الراغب الفرق بينهما أن الملة لا تضاف إلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا تكاد توجد مضافة إلى الله سبحانه ولا إلى آحاد الأمة ولا تستعمل إلا في جملة الشرائع دون آحادها والمراد بملته عليه السلام الإسلام الذي عبر عنه آنفا بالصراط المستقيم «حنيفا»
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272