الصالحة أهم فإنه صلى الله عليه وسلم حيث أمر بها عند قراءة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فما ظنكم بمن عداه صلى الله عليه وسلم فما عدا القراءة من الأعمال والأمر للندب وهذا مذهب الجمهور وعند عطاء للوجوب وقد أخذ بظاهر النظم الكريم فاستعاذ عقيب القراءة أبو هريرة رضي الله عنه ومالك وابن سيرين وداود وحمزة من القراء وعن ابن مسعود رضي الله عنه قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم فقال صلى الله عليه وسلم قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبريل عليه السلام عن القلم عن اللوح المحفوظ «أنه» الضمير للشأن أو للشيطان «ليس له سلطان» تسلط وولاية «على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون» أي إليه يفوضون أمروهم وبه يعوذون في كل ما يأتون وما يذرون فإن وسوسته لا تؤثر فيهم ودعوته غير مستجابة عندهم وإيثار صيغة الماضي في الصلة الأولى للدلالة على التحقق كما أن اختيار صيغة الاستقبال في الثانية لإفادة الاستمرار التجددي وفي التعرض لوصف الربوبية عدة كريمة بإعادة المتوكلين والجملة تعليل للأمر بالاستعاذة أو لجوابه المنوي أي يعذك أو نحوه «إنما سلطانه» أي تسلطه وولايته بدعوته المستتبعة للاستجابة لا سلطانه بالقسر والإلجاء فإنه منتف عن الفريقين لقوله سبحانه حكاية عنه وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي وقد أفصح عنه قوله تعالى «على الذين يتولونه» أي يتخذونه وليا ويستجيبون دعوته ويطيعونه فإنه المقسور بمعزل من ذلك «والذين هم به» سبحانه وتعالى «مشركون» أو بسبب الشيطان مشركون إذ هو الذي حملهم على الإشراك بالله سبحانه وقصر سلطانه عليهم غب نفيه عن المؤمنين المتوكلين دليل على أن لا واسطة في الخارج بين التوكل على الله تعالى وبين تولي الشيطان وإن كان بينهما واسطة في المفهوم وأن من لم يتوكل عليه تعالى ينتظم في سلك من يتولى الشيطان من حيث لا يحتسب إذ به يتم التعليل ففيه مبالغة في الحمل على التوكل والتحذير عن مقابله وإيثار الجملة الفعلية الاستقبالية في الصلة الأولى لما مر من إفادة الاستمرار التجددي كما أن اختيار الجملة الاسمية في الثانية للدلالة على الثبات وتكرير الموصول للاحتراز عن توهم كون الصلة الثانية حالية مفيدة لعدم دخول غير المشركين من أولياء الشيطان تحت سلطانه وتقديم الأولى على الثانية التي هي بمقابلة الصلة الأولى فيما سلف لرعاية المقارنة بينها وبين ما يقابلها من التوكل على الله تعالى ولو روعي الترتيب السابق لا نفصل كل من القرينتين عما يقابلها «وإذا بدلنا آية مكان آية» أي إذا أنزلنا آية من القرآن مكان آية منه وجعلناها بدلا منها بأن نسخناها بها «والله أعلم بما ينزل» أولا وآخرا وبأن كلا من ذلك ما نزلت حيثما نزلت إلا حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة فإن
(١٤٠)