إنجازه لامتناع الخلف في وعده أو لأن البعث من مقتضيات الحكمة «حقا» صفة أخرى له أو نصب على المصدرية أي حق حقا «ولكن أكثر الناس» لجهلهم بشؤون الله عز شأنه من العلم والقدرة والحكمة وغيرها من صفات الكمال وبما يجوز عليه وما لا يجوز وعدم وقوفهم على سر التكوين والغاية القصوى منه وعلى أن البعث مما يقتضيه الحكمة التي جرت عادته سبحانه بمراعاتها «لا يعلمون» أنه يبعثهم فيبتون القول بعدمه أو أنه وعد عليه حق فيكذبونه قائلين لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين «ليبين لهم» غاية لما دل عليه بلى من البعث والضمير لمن يموت إذ التبيين يعم المؤمنين أيضا فإنهم وإن كانوا عالمين بذلك لكنه عند معاينة حقيقة الحال يتضح الأمر فيصل علمهم إلى مرتبة عين اليقين أي يبعثهم ليبين لهم بذلك وبما يحصل لهم من مشاهدة الأحوال كما هي ومعاينتها بصورها الحقيقية الشأن «الذي يختلفون فيه» من الحق المنتظم لجميع ما خالفوه مما جاء به الشرع المبين ويدخل فيه البعث دخولا أوليا «وليعلم الذين كفروا» بالله سبحانه بالإشراك وإنكار البعث وتكذيب وعده الحق «أنهم كانوا كاذبين» في كل ما يقولون لا سيما في قولهم لا يبعث الله من يموت والتعبير عن الحق بالموصول للدلالة على فخامته وللإشعار بعلية ما ذكر في حيز الصلة للتبيين وما عطف عليه وجعلهما غاية للبعث المشار إليه باعتبار وروده في معرض الرد على المخالفين وإبطال مقالة المعاندين المستدعى للتعرض لما يردعهم عن المخالفة ويلجئهم إلى الإذعان للحق فإن الكفرة إذا علموا أن تحقيق البعث إذا كان لتبيين أنه حق وليعلموا أنهم كاذبون في إنكاره كان ذلك أزجر لهم عن إنكاره وأدعى إلى الاعتراف به ضرورة أنه يدل على صدق العزيمة على تحقيقه كما تقول لمن ينكر أنك تصلي لأصلين رغما لأنفك وإظهار لكذبك ولأن تكرر الغايات أدل على وقوع الفعل المغيابها وإلا فالغاية الأصلية للبعث باعتبار ذاته إنما هو الجزاء الذي هو الغاية القصوى للخلق المغيا بمعرفته عز وجل وعبادته وإنما لم يذكر ذلك لتكرار ذكره في مواضع أخر وشهرته وإنما لم يدرج علم الكفار بكذبهم تحت التبيين بأن يقال وإن الذين كفروا كانوا كاذبين بل جئ بصيغة العلم لأن ذلك ليس مما تعلق به التبيين الذي هو عبارة عن إظهار ما كان مبهما قبل ذلك بأن يخبر به فيختلف فيه كالبعث الذي نطق به القرآن فاختلف فيه المختلفون وأما كذب الكافرين فليس من هذا القبيل فما يتعلق به علم ضروري حاصل لهم من قبل أنفسهم وقد مر تحقيقه في سورة التوبة عند قوله تعالى حتى يتبين لك الذين صدقوا وإنما خص الإسناد بهم حيث لم يقل وليعلموا أن الكافرين الآية لأن علم المؤمنين بذلك حاصل قبل ذلك أيضا «إنما قولنا» استئناف لبيان كيفية التكوين على الإطلاق إبداء وإعادة بعد التنبيه على إنية البعث ومنه يظهر كيفيته فما كافة وقولنا مبتدأ وقوله «لشيء» أي أي شيء كان مما عزو هان متعلق به على أن اللام للتبليغ كهي في قولك قلت له قم فقام وجعلها الزجاج سببية أي لأجل شيء وليس بواضح والتعبير عنه بذلك باعتبار وجوده عند تعلق مشيئته تعالى به لا أنه كان شيئا
(١١٤)