تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١١٢
«وقال الذين أشركوا» أي أهل مكة وهو بيان لفن آخر من كفرهم والعدول عن الإضمار إلى الموصول لتقريعهم بما في حيز الصلة وذمهم بذلك من أول الأمر «لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء» أي لو شاء عدم عبادتنا لشيء غيره كما تقول لما عبدنا ذلك «نحن ولا آباؤنا» الذي نقتدي بهم في ديننا «ولا حرمنا من دونه من شيء» من السوائب والبحائر وغيرها وإنما قالوا ذلك تكذيبا للرسول صلى الله عليه وسلم وطعنا في الرسالة رأسا متمسكين بأن ما شاء الله تعالى يجب وما لم يشأ يمتنع فلو أنه شاء أن نوحده ولا نشرك به شيئا ولا نحرم مما حرمنا شيئا كما يقول الرسل وينقلونه من جهة الله عز وجل لكان الأمر كما شاء من التوحيد ونفي الإشراك وما يتبعهما وحيث لم يكن كذلك ثبت أنه لم يشأ شيئا من ذلك وإنما يقوله الرسل من تلقاء أنفسهم فأجيب عنه بقوله عز وجل «كذلك» أي مثل ذلك الفعل الشنيع «فعل الذين من قبلهم» من الأمم أي أشركوا بالله وحرموا حله وردوا رسله وجادلوهم بالباطل حين نبهوهم على الخطأ وهدوهم إلى الحق «فهل على الرسل» الذين يبلغون رسالات الله وعزائم أمره ونهيه «إلا البلاغ المبين» أي ليست وظيفتهم إلا تبليغ الرسالة تبليغا واضحا أو موضحا وإبانة طريق الحق وإظهار أحكام الوحي الذي من جملتها تحتم تعلق مشيئة الله تعالى باهتداء من صرف قدرته واختباره إلى تحصيل الحق لقوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأما إلجاؤهم إلى ذلك وتنفيذ قولهم عليهم شاءوا أو أبواكما هو مقتضى استدلالهم فليس ذلك من وظيفتهم ولا من الحكمة التي عليها يدور أمر التكليف في شيء حتى يستدل بعدم ظهور آثاره على عدم حقيقة الرسل أو على عدم تعلق مشيئته تعالى بذلك فإن ما يترتب عليه الثواب والعقاب من أفعال العباد لابد في تعلق مشيئته تعالى بذلك فإن ما يترتب عليه الثواب والعقاب من أفعال العباد لابد في تعلق مشيئته تعالى بوقوعه من مباشرتهم الاختيارية له وصرف اختيارهم الجزئي إلى تحصيله وإلا لكان الثواب والعقاب اضطراريين فالفاء للتعليل كأنه قيل كذلك فعل أسلافهم وذلك باطل فإن الرسل ليس شأنهم إلا تبليغ أوامر الله تعالى ونواهيه لا تحقيق مضمونهما وإجراء موجبهما على الناس قسرا وإلجاء وإبراد كلمة على للإيذان بأنهم في ذلك مأمورون أو بأن ما يبلغونه حق للناس عليهم إيفاؤه وبهذا ظهر أن حمل قولهم لو شاء الله الخ على الاستهزاء لا يلائم الجواب والله تعالى أعلم بالصواب «ولقد بعثنا في كل أمة رسولا» تحقيق لكيفية تعلق مشيئته تعالى بأفعال العباد بعد بيان أن الإلجاء ليس من وظائف الرسالة ولا من باب المشيئة المتعلقة بما يدور عليه الثواب والعقاب من الأفعال الاختيارية لهم أي بعثنا في كل أمة من الأمم الخالية رسولا خاصة بهم «أن اعبدوا الله» يجوز أن تكون أن مفسرة لما في البعث من معنى القول وأن تكون مصدرية أي بعثنا بأن اعبدوا الله حده «واجتنبوا
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272