جميع آياتها كذلك كما هو المشهور وأما إن الصفة أيضا يجب أن تكون معلومة الانتساب إلى الموصوف عند المخاطب فالخطب فيه هين لما أن المخاطب هناك المؤمنون وظاهر إنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد بالحجارة الأصنام وبالناس أنفسهم حسبما ورد في قوله تعالى «إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم» الآية «أعدت للكافرين» أي هيئت للذين كفروا بما نزلناه وجعلت عدة لعذابهم والمراد اما جنس الكفار والمخاطبون داخلون فيهم دخولا أوليا وأما هم خاصة ووضع الكافرين موضع ضميرهم لذمهم وتعليل الحكم بكفرهم وقرئ اعتدت من العتاد بمعنى العدة وفيه دلالة على أن النار مخلوقة موجودة الآن والجملة استئناف لا محل لها من الاعراب مقررة لمضمون ما قبلها ومؤكدة لإيجاب العمل به ومبينة لمن أريد بالناس دافعة لاحتمال العموم وقيل حال بإضمار قد من النار لا من ضميرها في وقودها لما في ذلك من الفصل بينهما بالخبر وقيل صلة بعد صلة أو عطف على الصلة بترك العاطف «وبشر الذين آمنوا» أي بأنه منزل من عند الله عز وجل وهو معطوف على الجملة السابقة لكن لا على أن المقصود عطف نفس الأمر حتى يطلب له مشاكل يصح عطفه عليه بل على أنه عطف قصة المؤمنين بالقرآن ووصف ثوابهم على قصة الكافرين به وكيفية عقابهم جريا على السنة الإلهية من شفع الترغيب بالترهيب والوعد بالوعيد وكان تغيير السبك لتخييل كمال التباين بين حال الفريقين وقرئ وبشر على صيغة الفعل مبنيا للمفعول عطفا على أعدت فيكون استئنافا وتعليق التبشير بالموصول للإشعار بأنه معلل بما في حيز الصلة من الايمان والعمل الصالح لكن لا لذاتهما فإنها لا يكافئان النعم السابقة فضلا من أن يقتضيا ثوابا فيما يستقبل بل بجعل الشارع ومقتضى وعده وجعل صلته فعلا مفيدا للحدوث بعد إيراد الكفار بصيغة الفاعل لحث المخاطبين بالاتقاء على أحداث الإيمان وتحذيرهم من الاستمرار على الكفر والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وقيل لكل من يتأتى منه التبشير كما في قوله عليه السلام بشر المشائين إلى المساجد في ظلم الليالي بالنور التام يوم القيامة فإنه عليه السلام لم يأمر بذلك واحدا بعينه بل كل أحد ممن يتأتى منه ذلك وفيه رمز إلى أن الأمر لعظمه وفخامة شأنه حقيق بأن يتولى التبشير به كل من يقدر عليه والبشارة الخبر السار الذي يظهر به أثر السرور في البشرة وتباشير الصبح أوائل ضوئه «وعملوا الصالحات» الصالحة كالحسنة في الجريان مجرى الاسم وهي كل ما استقام من الاعمال بدليل العقل والنقل واللام للجنس والجمع لإفادة ان المراد بها جملة من الأعمال الصالحة التي أشير إلى أمهاتها في مطلع السورة الكريمة وطائفة منها متفاوتة حسب تفاوت حال المكلفين في مواجب التكليف وفي عطف العمل على الإيمان دلالة على تغايرهما وإشعار بأن مدار استحقاق البشارة مجموع الأمرين فإن الإيمان أساس والعمل الصالح كالبناء عليه ولا غناء بأساس لا بناء به «أن لهم جنات» منصوب بنزع الخافض وإفضاء الفعل إليه أو مجرور بإضماره مثل الله لأفعلن والجنة هي المرة من مصدر
(٦٨)