اعتماد ولا إلى تقدير يشهدون أي ادعوا شهداءكم الذين يشهدون لكم بين يدي الله تعالى ليعينوكم في المعارضة وإيرادها بهذا العنوان لما مر من الإشعار بمناط الاستعانة بها ووجه الالتفات تربية المهابة وترشيح ذلك المعنى فإن ما يقوم بهذا الأمر في ذلك المقام الخطير حقه أن يستعان له في كل مرام وفي أمرهم على الوجهين بأن يستظهروا في معارضة القرآن الذي أخرس كل منطيق بالجماد من التهكم بهم مالا يوصف وكلمة من ههنا تبعيضية لما أنهم يقولون جلس بين يديه وخلفه بمعنى في لأنهما طرفان للفعل ومن بين يديه ومن خلفه لأن الفعل إنما يقع في بعض تينك الجهتين كما تقول جئته من الليل تريد بعض الليل وقد يقال كلمة من الداخلة على دون في جميع المواقع بمعنى في كما في سائر الظروف التي لا تتصرف وتكون منصوبة على الظرفية أبدا ولا تنجر إلا بمن خاصة وقيل المراد بالشهداء مداره لقوم ووجوه المحافل والمحاضر ودون ظرف مستقر ومن ابتدائية أي ادعوا الذين يشهدون لكم أن ما أتيتم به مثله متجاوزين في ذلك أولياء الله ومحصلة شهداء مغايرين لهم إيذانا بأنهم أيضا لا يشهدون بذلك وإنما قدر المضاف إلى الله تعالى رعاية للمقابلة فإن أولياء الله تعالى يقابلون أولياء الأصنام كما أن ذكر الله تعالى يقابل ذكر الأصنام بهذا الأمر إرخاء العنان والاستدراج إلى غاية التبكيت كأنه قيل تركنا إلزامكم بشهداء لا ميل لهم إلى أحد الجانبين كما هو المعتاد واكتفينا بشهدائكم المعروفين بالذب عنكم فإنهم أيضا لا يشهدون لكم حذرا من اللائمة وأنفة من الشهادة البينة البطلان كيف لا وأمر الإعجاز قد بلغ من الظهور إلى حيث لم يبق إلى إنكاره سبيل قطعا وفيه ما مر من عدم الملاءمة لابتداء التحدي وعدم تناوله لأولئك الشهداء وإبهام أنهم تعرضوا لمعارضة وأتوا بشئ احتاجوا في إثبات مثليته للمتحدى به إلى الشهادة وشتان بينهم وبين ذلك «إن كنتم صادقين» أي في زعمكم أنه من كلامه عليه السلام وهو شرط حذف جوابه لدلالة ما سبق عليه أي إن كنتم صادقين فأتوا بسورة من مثله الخ واستلزام المقدم للتالي من حيث أن صدقهم في ذلك الزعم يستدعى قدرتهم على الإتيان بمثله بقضية مشاركتهم له عليه السلام في البشرية والعربية مع ما بهم من طول الممارسة للخطب والأشعار وكثرة المزاولة لأساليب النظم والنثر والمبالغة في حفظ الوقائع والأيام لا سيما عند المظاهرة والتعاون ولا ريب في أن القدرة على الشئ من موجبات الإتيان به ودواعي الأمر به «فإن لم تفعلوا» أي ما أمرتم به من الإتيان بالمثل بعد ما بذلتم في السعي غاية المجهود وجاوزتم في الحد كل حد معهود متشبثين بالذيول راكبين متن كل صعب وذلول وإنما لم يصرح به إيذانا بعدم الحاجة إليه بناء على كمال ظهور تهالكهم على ذلك وإنما أورد في حيز الشرط مطلق لفعل وجعل مصدر الفعل المأمور به مفعولا له للإيجاز البديع المغنى عن التطويل والتكرير مع سر سري استقل به المقام وهو الإيذان بالمقصود بالتكليف هو أيقاع نفس الفعل المأمور به لإظهار عجزهم عنه لا لتحصيل المفعول أي المأتى به ضرورة استحالته وأن مناط الجواب في الشرطية اعني الأمر باتقاء النار هو عجزهم عن إيقاعه لا فوت حصول المفعول فإن مدلول لفظ
(٦٦)