تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٢٥
«والمطلقات» أي ذوات الأقراء من الحرائر المدخول بهن لما قد بين أن لا عدة على غير المدخول بها وأن عدة من لا تحيض لصغر أو كبر أو حمل بالأشهر ووضع الحمل وأن عدة الأمة قرءان أو شهران «يتربصن» خبر في معنى الأمر مفيد للتأكيد بإشعاره بأن المأمور به مما يجب أن يتلقى بالمسارعة إلى الإيتان به فكأنهن امتثلن بالأمر فتخبر به موجودا متحققا وبناؤه على المبتدأ مفيد لزيادة تأكيد «بأنفسهن» الباء للتعدية أي يقمعنها ويحملنها على ما لا تشتهيه بل يشق عليها من التربص وفيه مزيد حث لهن على ذلك لما فيه من الإنباء عن الاتصاف بما يستنكفن منه من كون نفوسهن طوامح إلى الرجال فيحملهن ذلك على الإقدام على الإتيان بما أمرن به «ثلاثة قروء» نصب على الظرفية أو المفعولية بتقدير مضاف أي يتربصن مدة ثلاثة قروء أو يتربصن مضى ثلاثة قروء وهو جمع قرء والمراد به الحيض بدليل قوله صلى الله عليه وسلم دعى الصلاة أيام أقرائك وقوله صلى الله عليه وسلم طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان وقوله تعالى واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ولأن المقصود الأصلي من العدة استبراء الرحم ومداره الحيض دون الطهر ويقال أقرأت المرأة إذا حاضت وقوله تعالى فطلقوهن لعدتهن معناه مستقبلات لعدتهن وهي الحيض الثلاث وإيراد جمع الكثرة في مقام جمع القلة بطريق الاتساع فإن ايراد كل من الجمعين مكان الآخر شائع ذائع وقرئ ثلاثة قرو بغير همز «ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن» من الحيض والولد استعجالا في العدة وإبطالا لحق الرجعة وفيه دليل على قبول قولهن في ذلك نفيا وإثباتا «إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر» جواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبلة دلالة واضحة أي فلا يجترئن على ذلك فإن قضية الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر الذي يقع فيه الجزاء والعقوبة منافية له قطعا «وبعولتهن» البعولة جمع بعل وهو في الأصل السيد المالك والتاء لتأنيث الجمع كما في الحزونة والسهولة أو مصدر بتقدير مضاف أي أهل بعولتهن أي أزواجهن الذين طلقوهن طلاقا رجعيا كما ينبئ عنه التعبير عنهم بالبعولة والضمير لبعض افراد المطلقات «أحق بردهن» إلى ملكهم بالرجعة إليهن «في ذلك» أي في زمان التربص وصيغة التفضيل لإفادة أن الرجل إذا أراد الرجعة والمرأة تأباها وجب إيثار قوله على قولها لا أن لها أيضا حقا في الرجعة «إن أرادوا» أي الأزواج بالرجعة «إصلاحا» لما بينهم وبينهن وإحسانا إليهن ولم يريدوا مضارتهن وليس المراد به شرطية قصد الإصلاح بصحة الرجعة بل هو الحث عليه والزجر عن قصد الضرار «ولهن» عليهم من الحقوق «مثل الذي» لهم «عليهن بالمعروف» من الحقوق التي يجب مراعاتها ويتحتم المحافظة عليها «وللرجال عليهن درجة» أي زيادة في الحق لأن حقوقهم في أنفسهن وحقوقهن في المهر
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271