القرآن وإن لم يعجز العمل بما فيه من المحكم. ويجوز أن يمتحنهم بالإيمان بها حيث ادعوا وجوب رعاية الأصلح.
ومنها: إقامة الحجة بها عليهم، وذلك إنما نزل بلسانهم ولغتهم، ثم عجزوا عن الوقوف على ما فيها مع بلاغتهم وإفهامهم، فيدل على أن الذي أعجزهم عن الوقوف هو الذي أعجزهم عن تكرر الوقوف عليها، وهو الله سبحانه!
الخامس: أثار بعضهم سؤالا، وهو: هل للمحكم مزية على المتشابه بما يدل عليه، أو هما سواء؟ والثاني خلاف الاجماع، والأول ينقض أصلكم أن جميع كلامه سبحانه سواء، وأنه نزل بالحكمة!
وأجاب أبو عبد الله محمد بن أحمد البكراباذي بأن المحكم كالمتشابه من وجه، و يخالفه من وجه، فيتفقان في أن الاستدلال بهما لا يمكن إلا بعد معرفة حكمة الواضع، وأنه لا يختار (1) القبيح. ويختلفان في أن المحكم بوضع اللغة لا يحتمل إلا الوجه الواحد، فمن سمعه أمكنه أن يستدل به (2) في الحال، والمتشابه يحتاج إلى ذكر مبتدأ ونظر مجدد عند سماعه ليحمله على الوجه المطابق، ولأن المحكم أصل، والعلم بالأصل أسبق، ولأن المحكم يعلم مفصلا، والمتشابه لا يعلم إلا مجملا.
فإن قيل: إذا كان المحكم بالوضع كالمتشابه، وقد قلتم إن من حق هذه اللغة أن يصح فيها الاحتمال ويسوغ التأويل، فبماذا يميز المحكم في أنه لا بد له من مزية، سيما والناس قد اختلفوا فيهما كاختلافهم في المذاهب، فالمحكم عند السني متشابه عند القدري؟
فالجواب أن الوجه الذي أوردته (3) يلجئ إلى الرجوع إلى العقول فيما يتعلق