إذ لا يتصور الإيمان مع الجهل. وأيضا لو لم يعلموها لم يكونوا من الراسخين، ولم يقع الفرق بينهم وبين الجهال.
الثالث: ومن هذا الخلاف نشأ الخلاف في أنه: هل في القرآن شئ لا تعلم الأمة تأويله؟ قال الراغب في مقدمة تفسيره: وذهب (1) عامة المتكلمين إلى أن كل القرآن يجب أن يكون معلوما، وإلا لأدى (2) إلى إبطال فائدة الانتفاع به، وحملوا قوله:
(والراسخون) بالعطف على قوله: (إلا الله)، وقوله: (يقولون) جملة حالية.
قال: ذهب كثير من المفسرين إلى أنه يصح أن يكون في القرآن بعض مالا يعلم تأويله إلى الله، قال ابن عباس: أنزل الله القرآن على أربعة أوجه: حلال، وحرام، ووجه لا يسع أحد جهالته، ووجه تعرفه العرب، ووجه تأويل لا يعلمه إلا الله.
وقال بعضهم: المتشابه اسم لمعنيين:
أحدهما: لما التبس من المعنى لدخول شبهة بعضه في بعض، نحو قوله: (إن البقر تشابه علينا...) (3) الآية.
والثاني: اسم لما يوافق بعضه بعضا، ويصدقه قوله تعالى: (كتابا " متشابها " مثاني...) (4) الآية.
فإن كان المراد بالمتشابه في القرآن الأول فالظاهر أنه لا يمكنهم الوصول إلى مراده، وإن جاز أن يطلعهم عليه بنوع من لطفه، لأنه اللطيف الخبير. وإن كان المراد الثاني جاز أن يعلموا مراده.