السادس: وصححه ابن (1) عطية وقال: إنه الذي عليه الجمهور والحذاق - وهو الصحيح في نفسه - وأن التحدي إنما وقع بنظمه، وصحة معانيه، وتوالى فصاحة ألفاظه، ووجه إعجازه أن الله أحاط بكل شئ علما، وأحاط بالكلام كله علما، فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلى الأولى، ويتبين المعنى بعد المعنى، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره. والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول، ومعلوم بالضرورة (2) أن أحدا من البشر لا يحيط بذلك (3)، وبهذا [جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة، وبهذا النطق] (4) يبطل قول من قال: إن العرب كان في قدرتها الإتيان (5) بمثله، فلما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه.
والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم (6 يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين، ولهذا ترى البليغ ينقح الخطبة أو القصيدة حولا، ثم ينظر فيها، فيغير فيها، وهلم جرا. وكتاب الله 6) سبحانه لو نزعت منه لفظة، ثم أدبر لسان العرب على لفظة (7) أحسن منها لم توجد.
ونحن تتبين لنا البراعة في أكثره، ويخفي علينا وجهها في مواضع، لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذوق. وجودة القريحة، [وميز الكلام] (4).
وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة، كما قامت