العاشر: وهو قول حازم (1) في " منهاج البلغاء ": إن الإعجاز فيه من حيث استمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها في جميعه استمرارا " لا توجد له فترة، ولا يقدر عليه أحد من البشر، وكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلا في الشئ اليسير المعدود، ثم تعرض الفترات الانسانية، فتقطع طيب الكلام ورونقه، فلا تستمر لذلك الفصاحة في جميعه، بل توجد في تفاريق وأجزاء منه، والفترات وإن في الفصاحة تقع للفصيح، إما بسهو يعرض له في الشئ من غير أن يكون جاهلا به، أو من جهل به، أو من سآمة تعتري فكره، أو من هوى للنفس يغلب عليها فيما يحوش عليها خاطره، من اقتناص المعاني سمينا كان أو غثا "، فهذه آفات لا يخلو منها الانسان الفاضل الطبع الكامل، وهو قريب مما ذكره ابن الزملكاني وابن عطية.
الحادي عشر: قال الخطابي (2) في كتابه - وإليه (3) ذهب الأكثرون من علماء النظر -: إن وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة، لكن لما صعب عليهم تفصيلها صغوا فيه إلى حكم الذوق والقبول عند النفس.
قال: والتحقيق أن أجناس الكلام مختلفة، ومراتبها في درجة البيان متفاوتة (4)، [ودرجاتها في البلاغة متباينة غير متساوية] (5)، فمنها البليغ الرصين الجزل، ومنها الفصيح