قال [ابن أبي] (1) طالب مكي (1) في " اختصاره نظم القرآن للجرجاني "، قال المؤلف: أنزله بلسان عربي مبين بضروب من النظم مختلفة على عادات العرب، ولكن الأعصار تتغير وتطول، فيتغير النظم عند المتأخرين لقصور أفهامهم، والنظر كله جار على لغة العرب، ولا يجوز أن ينزله على نظم ليس من لسانهم، لأنه لا يكون حجة عليهم، بدليل قوله تعالى: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله) (2)، وفي قوله: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله) (3) فأخبر أنهم لم يعلموه لجهلهم به، وهو كلام عربي.
قال أبو محمد: لا يحتمل أن يكون جهلهم إلا من قبل أنهم أعرضوا عن قبوله، ولا يجوز أن يكون نزل بنظم لم يعرفوه، إذ لا يكون عليهم حجة، وجهلنا بالنظم لتأخرنا عن رتب القوم الذي نزل عليهم جائز، ولا يمنع. فمن (4) نزل عليهم كان يفهمه إذا تدبره، لأنه بلغته، ونحن إنما (5) نفهم بالتعليم. انتهى.
وهذا الذي قاله مشكل، فإن كبار الصحابة رضي الله عنهم حفظوا البقرة في مدة متطاولة، لأنهم كانوا يحفظون مع التفهم.
وإعجاز القرآن ذكر من وجهين:
أحدهما: إعجاز متعلق بنفسه.
والثاني: بصرف الناس عن معارضته.